أذكر أن معالي وزير الحج الدكتور محمود بن محمد سفر ركز في حديثه لمطوفي حجاج الدول العربية بعد توليه لمنصبه كوزير للحج على روح المنافسة كمحور أساسي في عملية التطوير والتحسين للمهنة والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن ، ووعد بالعمل على كل ما من شأنه بث روح المنافسة بين المطوفين لتقديم أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام والتي فُقدت أو كادت في السنوات الأخيرة .
ولقد سمع الكثير منا كيف كان المطوفون يتفانون في خدمة حجاجهم عندما كانت روح التنافس سائدة وذلك لتحقيق سمعة طيبة وخدمة عدد أكبر في الأعوام التالية ، وكيف كانوا يسافرون الى بلدان حجاجهم ليقوموا بأعمال الدعاية لأنفسهم ، وفعلا حقق الكثير منهم سمعة طيبة في بلدان الحجاج الذين يخدمونهم .
وفي الواقع أنني تذكرت ما وعد به معالي الوزير وأتساءل عما تم اتخاذه في هذا الشأن خصوصا بعد صدور اللائحة المالية لمكاتب الخدمة الميدانية والتي حولت المطوفين الى موظفين برواتب محددة وبعد ما اطلعت على ما نشرته صحيفة “عكاظ” من كلمة معالي وزير الحج الموجهة لأرباب الطوائف في ترجمته لشعار (خدمة الحاج شرف لنا) حيث جاء في كلمة معاليه :”ان عملكم ليس عملا تجاريا ولا يتوقع منه الربح ، ومن دخل في هذا العمل لكي يكسب ويخرج منه بمبالغ يستحسن له أن يعيد النظر وينسحب من الآن” انتهى كلا م معاليه .
وما أود التعليق به على هذا الموضوع في البداية هو أن شرف خدمة الحاج والذي أكرم الله به جيران بيته الحرام لا يتعارض البته مع تحقيق مكاسب مادية تُضاف الى ذلك الشرف ، بل على العكس قد يكون من الأصلح تحقيق تلك المكاسب وذلك لضمان الاستمرار في تقديم الخدمة وتطويرها ، وفي ظل غياب المكاسب المادية – المعقولة بالطبع – سوف لن نجد العدد الكافي من المؤهلين لخدمة مئات الآلاف بل والملايين من الحجاج في المستقبل من الأعوام . خصوصا اذا علمنا أن أجور الخدمات التي يدفعها الحاج حُددت منذ مايقارب العشرين عاما أو يزيد ولم يطرء عليها أي زيادة على الرغم من أن تكاليف الخدمة في زيادة مستمرة بمرور السنوات .
إن التأكيد على أن على كل من يعمل في هذه المهنة عليه أن لا يتوقع تحقيق مكاسب مادية وتبني وزارة الحج لهذا المفهوم أعتقد أن فيه شيء من التعارض مع الطبيعة البشرية وسنة الله في خلقه ، فكل صاحب مهنة يتوقع بل ويسعى لتحقيق مردود مادي لما يقوم به من أعمال ولا يقلل ذلك من شرف ورقي المهنة التي ينتسب اليها . وعدم الاهتمام بهذا المردود سينعكس سلبا على المهنة وأهلها وذلك لسبب بسيط وهو انسحاب أهل المهنة بدءا بالاكفاء منهم وبحثهم عن مجالات عمل أخرى تحقق لهم ما يطمحون اليه من مستوى معيشي مناسب لهم ولذويهم .
وكأني بالوزارة عندما تابعت جوانب التقصير وعاقبت المقصرين تركت الجوانب المشرقة ، فالجهود الجبارة التي يبذلها أرباب الطوائف في خدمتهم لما يقارب المليون حاج تحتاج الى المزيد من العناية والحوافز المادية والمعنوية لضمان استمرارها وتطويرها . وأعتقد أن على وزارة الحج وهي من أكثر الجهات احتكاكا بأرباب الطوائف ومعرفة بما يقدموه في سبيل خدمة حجاج بيت الله وضع برنامج لتعزيز المكاسب المادية التي يمكن لأرباب الطوائف تحقيقها من وراء الخدمة – لا تجاهلها – وذلك كحافز لهم لبذل المزيد من الجهود والاستمرار في الخدمة ولا أعتقد أن في ذلك ما يعيب أو يمكن انتقاده فما يدفعه الحاج يظل في حدوده الدنيا ويحتاج الى اعادة نظر .
والله من وراء القصد .
فائز صالح محمد جمال
نشر تقريباً في 1415/11/17هـ
الحج و الطوافة الرأي 1415/11/17هـ المدينة رابط المقال على النت http://