رفع كلفة العمالة و الصناعة و رؤية 2030
مسكينة هي الصناعة في بلادي .. فقد باتت بغير صاحب ، و توزع دمها بين القبائل ، فهي أشبه ما تكون بالكرة التي تتدحرج بين أقدام اللعّيبة ، فما أن تصل لقدم لاعب حتى يقذف بها ركلاً إلى لاعب آخر ..
فقد كانت ضمن وزارة الكهرباء ثم انتقلت إلى وزارة التجارة و حالياً وزارة الطاقة و الثروة المعدنية .. ناهيك عن تجهم وجوه جهات أخرى مثل هيئة الكهرباء و شركات سابك و البلديات و الدفاع المدني في وجهها..
و عند تتبع وضعها في وزارة الطاقة و الصناعة و الثروة المعدنية التي آلت إليها مؤخراً فلن تجد لها ذكر اطلاقاً حتى الآن ، فهذه رؤية و رسالة الوزارة كما هي على موقع الوزارة على شبكة الإنترنت وهي تخلو تماماً من ذكر الصناعة خارج نطاق البترول و المعادن ؛ فقد جاءت رؤية الوزارة نصاً كما يلي:
التطوير المستدام لصناعة البترول والغاز والتعدين المتكاملة في جميع مراحلها لتحقيق أعلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وأما الرسالة فهي:
العمل على اكتشاف واستغلال موارد المملكة من البترول والغاز والمعادن وتحقيق أعلى مردود منها.
و ينطبق نفس الشيء على مهام الوزارة.
إن للصناعة أثر إيجابي اقتصادي مزدوج ، الأثر الأول هو تخفيض فاتورة الاستيراد و تحقيق سلسلة من القيم المضافة داخل الاقتصاد المحلي ، و الأثر الثاني هو زيادة الصادرات و تحقيق مبدأ تنويع مصادر الدخل الذي نعده من أهم محاور رؤية 2030. و عندما كان يتم دعم الصناعة في السابق فليس ذلك لسواد عيون الصنّاع و إنما لهذه المصالح الاقتصادية الكبرى لقيام الصناعة و تطورها ، و امتلاك المعرفة و توطين التقنيات المتعلقة بها ..
ولكن بمرور الوقت تراجعت برامج الدعم بدلاً من تطورها و أصبحت الصناعات تعاني بدرجات متفاوتة فضعفت قدرات بعضها على التطور و التوسع ، و انكمش بعضها ، و قضي على بعضها لاعتبارات اقتصادية متعلقة بكلفة الإنتاج و ضعف التنافسية و انفتاح الأسواق المحلية و الإقليمية و العالمية ..
و لعل من المدهش المبكي أن تجد توجّهاً عاماً لوزارة العمل و تدعمه للأسف قرارت الحكومة و تروج له وسائل الإعلام المحلية و هو توجّه (رفع كلفة العمالة الوافدة) بحجة رفع نسب التوطين ، دون الالتفات للعواقب ودون دراسة لكلفة هكذا توجه و العائد من ورائه ..
وهذا التوجّه في رأيي مما أصاب الصناعة في مقتل ، فرفع كلفة العمالة يعني رفع كلفة المنتجات و رفع الكلفة يعني ضعف المنافسة في أسواق مفتوحة داخلياً و خارجياً ، وهذا يعني ركود المنتجات و توقف خطوط الإنتاج..
فلكل منتجات مصانعنا المحلية بدائل مستوردة منافسة في السوق المحلية و كذلك في الأسواق الخارجية و لا شيء يجبر المشتري على شراء منتجات بأسعار أعلى في حال توفر الأرخص ..
الصناعة لدينا تعاني كذلك من إلغاء بعض أنواع الدعم ، و من عدم التمييز بينها و بين القطاعات الأخرى في الرسوم التي تُفرض ما بين فترة و أخرى .. و قد كنت قبل أيام أراجع إحدى المدن الصناعية شاكياً من بعض المشكلات فوجدت أمامي أكثر من عشر صنّاع وقد تقدموا بطلب إلغاء تراخيصهم الصناعية و أغلاق مصانعهم لعدم جدوى الاستمرار..
بقي القول بأن الصناعة من أهم مصادر تنويع الدخل الوطني ولو كنا جادين في تحقيق رؤية 2030 في مجال تنويع مصادر الدخل فعلينا الاهتمام بالصناعة و تذليل كل العقبات أمامها و تقديم دعم حقيقي و فعّال و الخطوة الأولى هي جمع كل الجهات المعنية بالصناعة في وزارة مستقلة وإلزام الوزارات الأخرى بكل ما يصدر من قرارات و برامج لدعمها.
و الله الملهم الجميع الصواب.
د. فائز صالح جمال
19/02/1438هـ
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
21/02/1438 |
21/11/2016 |
مكة المكرمة |
1044 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
1044 التجارة و الصناعة الرأي 21/02/1438 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/584418