دعم السياحة الداخلية ضرورة لنجاحها (2)
كنت قد كتبت في مقال الأسبوع الماضي عن ضرورة دعم صناعة السياحة في بلادنا ، وطالبت بأن يكون الدعم مشابهاً لذلك الدعم الذي حظيت به الصناعات الأساسية عن تأسيسها ، وجاء الحديث على الفرص الثمينة الضائعة في مواجهة الكثير من التحديات ، فيما لو أخفقنا في إيجاد سياحة داخلية قوية ومنافسة ومستقطبة للسيّاح من داخل وخارج المملكة
. وذكرت أنه من الملاحظ تردد رجال الأعمال وعدم إقدامهم على المشاريع السياحية و الترفيهية في مناطق الاصطياف – مثلاً – ، وذلك راجع إلى تدني نسبة التشغيل وبالتالي عدم الجدوى الإقتصادية للمشاريع ، أو تدني العائد مقارنة بمشاريع وفرص أخرى للإستثمار ، فرجل الأعمال أو المستثمر يتجه إلى المشاريع الرابحة والتي يتضح له بعد الدراسة أنها تحقق له أفضل عائد ممكن .
لذلك فلعل من وسائل دعم السياحة الداخلية بالإضافة إلى ما ذكرناه في مقال الأسبوع الماضي ، تهيئة الظروف لتحقيق نسبة تشغيل مرتفعة للمرافق السياحية ، كأن يتم تشجيع المقتدرين من الحجاج والزوار المعتمرين على زيارة الأماكن والمدن السياحية في مختلف مناطق المملكة ، وكذلك من خلال تنظيم الإجازات المدرسية ، وهو ما أشار إليه الدكتور عبدالإله جدع في مقاله الأسبوع الماضي ، حيث طالب بإعادة النظر في موعد إجازة نصف العام ، التي أثر كونها خلال شهر رمضان المبارك بشكل كبير على حركة السياحية الداخلية في العام الماضي ، فقد كانت إجازة نصف العام أو إجازة الربيع كما يُطلق عليها رافداً قوياً يصب في مصلحة ودعم حركة السياحة الداخلية ، وأنا هنا أضم صوتي إلى صوت سعادة الدكتور عبدالإله جدع في مطالبته بدراسة موعد إجازة نصف العام بما لايضر بالعملية التعليمية ويحقق في نفس الوقت دعماً للسياحة الداخلية ، وهي – في رأيي – مصلحة عامة وطنية كبرى .
إقتراح
منطقة مكة المكرمة حباها الله عز وجل بمزايا ومقومات سياحية كبيرة ، تحقق – فيما لو تم استثمارها بالشكل الصحيح – استقطاباً كبيراً للسياح من داخل وخارج المملكة ، فكون مدينة مكة المكرمة عمّرها الله يقع بقربها مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر ، و مدينة الطائف على المرتفعات الجبلية ، بما لهما من مقومات سياحية لا تخفى على أحد ، يُعطي فرص كبيرة ويعزز نجاح السياحة في المنطقة بشكل عام ، فالحجاج والزوار والمعتمرون – المقتدرون منهم كما أسلفت – القادمون خلال فصل الشتاء وأشهر من فصلي الربيع والخريف يمكنهم زيارة جدة على ساحل البحر الأحمر والاستمتاع بجمال الطبيعة وزيارة الأمكان الترفيهية والسياحية والأسواق التجارية المنتشرة بها ، وأما القادمون منهم خلال فصل الصيف وأيضاً أشهر من فصلي الربيع والخريف فيمكنهم زيارة منطقة الطائف والهدا والشفا والاستمتاع بجوها وطبيعتها وما هو متاح من أماكن الترفيه ومراكز التسويق .
لذلك فإنني أقترح على رجال الأعمال والغرف التجارية في منطقة مكة المكرمة دراسة فكرة إقامة مشاريع مشتركة في مدينتي جدة والطائف ، بحيث يتم الإستفادة القصوى من الأيدي العاملة وبالتالي تخفيض تكاليف التشغيل إلى حدها الأدنى ، عن طريق ترحيل جزء من العمالة بين كل من جدة والطائف خلال فترات النشاط والركود ، بحيث يتم تعزيز مشاريع مدينة الطائف خلال أشهر الصيف بترحيل جزء من عمالة تشغيل مشاريع جدة التي يُفترض إنخفاض الإقبال عليها نسبياً بسبب شدة الحر ، والعكس بالعكس في فترات اشتداد البرد في مدينة الطائف وما حولها .
بل إن التنسيق بين المشاريع يمكن أن يتم بين المدن الثلاث ، مكة المكرمة وجدة والطائف ، ولعل الإسكان مثل واضح لإمكانية حدوث مثل هذا التنسيق ، ففيما عدا موسم رمضان والحج فإن نسبة الإشغال تكون في حدودها الدنيا ، وهي فترة تمتد إلى تسعة أشهر في السنة ، وخلال هذه الفترة سيكون هناك فائض في جميع أنواع العمالة التي تقدم خدماتها للنزلاء ، وبالتالي يمكن الاستفادة من هذا الفائض في أماكن أو مشاريع أخرى في مدينة جدة في فترات اعتدال الجو ، وفي مدينة الطائف في فترات الصيف .
والله ولي التوفيق .
2/5/ 1417هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 4/5/1417هـ
في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 12212 صفحة رقم : 11 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
12212 التجارة و الصناعة الرأي 4/5/1417هـ المدينة رابط المقال على النت http://