جدة التاريخية .. المبادرات الفردية لا تكفي

by Admin

جدة التاريخية .. المبادرات الفردية لا تكفي

سعدت نهاية الأسبوع الماضي بزيادة مهرجان كنا كدة في جدة التاريخية بصحبة العائلة ، و قد أكرمني العمدة عبد الصمد محمد عبد الصمد و المهندس طلال سمرقندي بحفاوة استقبال و حُسْن رفقة في جولة على بعض أرجاء أحياء جدة التاريخية ..

وقد لفتني البِشْر الذي علا وجوه المشاركين في تنظيم فعاليات المهرجان و كذلك الزائرين ، و ما تم استحداثه من فعاليات في هذه الدورة من المهرجان ..

و فرحت بالمبادرات الفردية التي بادر إليها بعض أهالي جدة وغيرهم من ترميم و تأهيل لبعض البيوت لإقامة بعض الفعاليات و لاستقبال الزوار .. وبعضها مبادرات نابعة من شعور بالمسئولية تجاه تراث المجتمع و تاريخ الوطن بصرف النظر عن العوائد على الاستثمار فيها ..

وانتهز هذه الفرصة لأحيي محافظ محافظة جدة صاحب سمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد و أهنيه بمناسبة اقامة المهرجان و نجاحه الذي عكسه الإقبال الكبير عليه ، و أشد علي يديه و أضع مقترحاتي في هذا المقال تحت أنظاره و بين يديه متمنياً على سموه تبنيها و تحقيقها على أرض الواقع ..

فالملاحظ أن غالبية الحراك الذي يحدثه المهرجان على المستوى التراثي و التاريخي و السياحي هو حراك مؤقت بأيام معدودة من كل عام ، و أن غالبية البيوت في الجهة الشمالية من جدة التاريخية لاتزال خالية من السكان و الأسواق و من الفعاليات الدائمة لجذب الزوار و السياح على مدار العام .. و هي في حاجة إلى مشاريع كبرى للصيانة و الترميم و بعضها إلى هدم و إعادة البناء على شكلها و أصولها من جديد ..

وأثناء تجولي في أزقة و برحات أحياء جدة التاريخية (اليمن و الشام و البحر و المظلوم) تذكرت الأحياء التاريخية في مدن الأندلس مثل أحياء غرناطة و قرطبة و اشبيلية ؛ بل و حتى مدريد و برشلونة .. هناك العناية بالأحياء التاريخية بادية سواء من جهة البنى التحتية و المرافق أو النظافة أو فرص التجارة و توافر الفنادق و الشقق و المطاعم حتى أضحت جاذبة للسيّاح على مدار الأيام و من كل أنحاء العالم ..

وفي ظني أن جدة -و مدن أخرى في المملكة- بها أحياء تاريخية مهيأة لتكون مصدراً ملهماً للتاريخ و التراث و الثقافة و السياحة و التجارة ورافداً مهماً لتنويع مصادر الدخل الوطني .. فما شاهدته أثناء جولتي في أحياء جدة التاريخية يؤكد أنه من الممكن تحقيق كل ما ذكرت ولكن شريطة أن تأخذ الدولة زمام المبادرة إلى تمويل تأهيلها لتكون مكاناً لتحقيق عدد من المنافع في آن واحد: التاريخ و التراث و الثقافة و السياحة و التجارة و التنمية المستدامة في مدية جدة .. وذلك من خلال تمويل تأسيس بنية تحتية حديثة متكاملة و كذلك تمويل ترميم البيوت جزئياً و كلياً بمبالغ غير مستردة و اعتبارها تأسيساً لمنافع عامة ، لأن ملكية معظم البيوت ما بين أوقاف خيرية -وهذه تمول كلياً- ، وبين أملاك آلت ملكيتها لورثة من الجيل الأول و الثاني  الثالث ، و سيكون من الصعب التواصل معهم فضلاً عن إقناعهم بالاستثمار في ترميم بيت يملك كل منهم فيها حصص ضئيلة ..

و أما الركون إلى المبادرات الفردية في تطوير الأحياء التاريخية فلن يكون مجدياً و سيستغرق عشرات السنين إن لم نقل أكثر من ذلك ، للإعتبارات المتعلقة بالبنية التحتية و بالملكيات الخاصة و الأوقاف ، و كذلك المعرفة بتقنيات ترميم المباني القديمة و تكاليفها المرتفعة التي قد لا يسطيع الملاّك تحملها و تجعل جدواها الاقتصادية غير متوافرة أو ضعيفة و غير مشجعة على الاستثمار فيها .. وهو ما قد يحبط مشاريع التنمية المستدامة و المنافع المأمولة من العناية بالأحياء التاريخية في جدة و غيرها ..

و الله الموفق ..

د. فائز صالح جمال

06/04/1437ه


 

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

08/04/1437

18/01/2016

مكة المكرمة

736

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://makkahnewspaper.com/article/116535

           

 

 

 

736 شئون بلدية الرأي 08/04/1437 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/116535

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق