تصرفات الأبناء ومسؤولية الآباء !!

by Admin

تصرفات الأبناء ومسؤولية الآباء !!

تزايدت حدة الشكوى من ظاهرة تسكع الشباب في الأسواق ، وهم يرتدون آخر تقليعات الأزياء الغربية ومنها ما أسمع به لأول مرة ضمن ما نُشر الاثنين الماضي على الصفحة الأخيرة من هذه الصحيفة وهو (البندان) وزادني أحدهم من الشعر بيت – كما يقال – أن بعضاُ من شبابنا بدؤا يرتدون سلاسل في أعناقهم وفي أياديهم ، وأخشى أن يمتد الأمر بهم إلى وضع (الخرص) في الأذن ..

وهو أمر متوقع إذا ماستمر الوضع على ما هو عليه ، فمادام أن الأبناء لا يجدون من آبائهم ومجتمعهم من التوجيه والحزم ما يحول دون انسياقهم الى مستنقع المجتمعات الغربية ، فما الذي يمنعهم من تلقف كل ما هو قادم من الغرب عبر الفضائيات ، ومعظمه مما يداعب الغرائز ويلبي الرغبات ويثير الشهوات ؟!!

ومن وجهة نظري الخاصة أن مسؤولية ما نراه الآن في مجتمعنا من تصرفات وسلوكيات بعض أبنائنا وبناتنا تقع على عاتق الآباء بالدرجة الأولى .. فالملاحظ أن الرجال الذين هم قوّامون على النساء تخلوا عن قوامتهم .. وتركوا الحبل على الغارب ليس فقط للأبناء والبنات بل وحتى للنساء ..

ومن يريد التأكد فيدقق النظر أثناء تواجده في الأسواق أوالمطاعم أوالمتنزهات ، فسيجد أن مرتادي هذه الأماكن ينقسمون إلى مجموعات ، مجموعة تضم الأولاد الذكور ممن هم في سن المراهقة (من 14 الى 18 سنة) ، ومجموعة تضم البنات ممن هم في نفس السن دون مرافقة من آبائهم أو أمهاتهم ، وسيجد الأطفال الصغار برفقة الخادمات والمربيات ، وأخيراُ مجموعات تضم السيدات من زوجات وأمهات دون رفقة رجالهن ؟!!

وإن سألت أين الرجل من كل هذا ؟؟ ستصطدم بالجواب المكرور والعذر الواهي وهو كثرة المشاغل والعمل ، وهو عُذر إن نفع مع الأسرة والمجتمع ففي تصوري أنه لا ينفع أمام الله عز وجل .

يترتب على هذا الواقع انقسام أفراد الأسرة لينضم كل فرد فيها إلى مجموعة من أصدقائه ، ليصبح الأب في البشكة ، والأم مع صديقاتها ، والأبناء مع أصدقائهم يتسكعون في الأسواق ، والأطفال مع المربيات في الملاهي والمطاعم ، وبالتالي سُيحرم النشء من التوجيه السليم وتصحيح السلوكيات الخاطئة التي قد يقع فيها أثناء تعامله مع كل ما حوله .

إن مسؤولية الرجل أباً كان أم زوجاً أم أخاً عظيمة جداً ، وتقاعسه عن أداء دوره في التوجيه ، والقيام بواجباته تجاه أهل بيته له أثر سلبي على النشء الذين هم عدة المستقبل بعد الله . فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ” كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته ” .

* فماذا ننتظر عندما يتخلى الرجل عن دور القوامة في بيته ؟؟

* وماذا ننتظر عندما يسوغ الرجل لنفسه الانشغال بالعمل وكثرة الأسفار وكثرة السهر ؟؟

* وماذا ننتظر عندما يتراخى  الأب في توجيه أبنائه وبناته بحجة أن زمنهم غير زمننا أو بحجة قوة التيار ؟؟

إن اسطوانة أن الزمن اختلف وأن التيار قوي – المشروخة – لي معها ومع من يرددها وقفة .. وهي أن ترديد مثل هذه المقولات العقيمة من وجهة نظري غير صحيح ، وهو مما يُثبّط الهمم ويفت في عضد المجتهدين للاصلاح ، ويجعلنا نتعامل مع المستجدات الغريبة على مجتمعنا والمخالفة لديننا بانهزامية مفرطة .. ويجعلنا مستسلمين لكل ما يرد علينا دون أدنى مقاومة ..

فلو تأمل كل منا عبارة (أن زمنا غير زمنهم) وماشابهها لوجد أنها عبارات قديمة ومكررة ، وتنطبق على الأجيال السابقة وستنطبق على الأجيال اللاحقة ، ولو حاول كل منا تذكر أنداده أو أنداد والده أو حتى جده ،  لوجد أن هناك تميزاً واضحاً فيما بينهم من حيث صلاحهم ونفعهم لمجتمعهم وأمتهم ، فهناك من أصبح عضواً نافعاً وفعّالاً في خدمة مجتمعه بل وأنجب أولاداً صالحين نافعين بإذن الله ، ومنهم من كان غير ذلك . ولو استجاب المربون المخلصون – بل المجاهدون لأن التربية في نظري جهاد _ لمثل هذه المقولات لما كان هناك صالحون ولا مصلحون .

وفي اعتقادي أن كل من نجده من حولنا من الصالحين والناجحين في حياتهم ليسوا من زرع المطر – كما يقولون – بل هم نتاج تربية صالحة وجهاد آباء وأمهات عظماء بعد توفيق الله عز وجل .

إن البعض منا نحن الرجال يرى أن التربية هي من مسؤوليات الأم فقط ، والبعض يلقي باللائمة على المدراس أو هيئات الأمر بالمعروف ، وبعضنا يشكو زمانه والجيل الجديد ، وفي نفس الوقت ننسى وبعضنا يتناسى تقصيره في القيام بمسؤولياته تجاه أهل بيته بجميع فئاتهم متعذراً بالعمل وكثرة المشاغل .

وفي تصوري إن مسؤولية الرجل ستظل محوراً هاماً في مجال الإصلاح الاجتماعي ، ومالم يتحرك الرجل للأخذ بزمام الأمور وممارسة دوره بالشكل الصحيح فسنرى المزيد من التردي ..

والله يلطف بعباده ..

3/4/ 1417هـ                                                       فائز صالح محمد جمال

 

بيانات النشر

نُشر : يوم : الإثنين الموافق  5/3/1417هـ

في صحبفة : المدينة المنورة    رقم العدد : 12184       صفحة رقم : 11 (الرأي) .

التعديل : لايوجد .

 

 

12184 تنمية الأخلاق الرأي 5/3/1417 المدينة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق