تجربتي مع تويتر و الحاجة لإصلاح مجتمعي
منذ عدة سنوات بدأت تجربتي في عالم التغريد و أصبحت من (آل تويتر) كما يحلو للبعض وصف المغردين ..
بالطبع التغريد برغم تطور أدواته إلاّ أنه يظل محدود ب 140 حرف للتعبير عن الآراء و الأفكار .. وهو ما يتسبب في بعض الأحيان في سوء الفهم لمضمون التغريدة أو ما ترمي إليه ..
و برغم منافع وسائل التواصل الاجتماعي و الاعلام الجديد و من بينها تويتر إلاّ أنها كشفت عما كان مختبئاً من إشكالات و أمراض مجتمعية خطيرة ..
كشفت عن عنصرية عرقية و عنصرية جنسية و عنصرية مناطقية و قبائلية بعضها كان مسكوتاً عنه و مستصغر الأثر.. وحتى الطائفية الدينية و المذهبية طفت بعنف على السطح ..
في بعض الأحيان تشعر بأن هناك حملات منظمة و مجموعات متفقة على شن الحملات ومهاجمة خصومها بقسوة و بألفاظ نابية و بأسلوب يكتنفه الكثير من التسفل و سوء الأدب ..
وقد مررت بمواقف عديدة تعرضت فيها للشتم و التعدي مثلت لي في البداية صدمات ، و حاولت محاورة بعض المتعدّين لفظياً لتصحيح فهمهم لمقاصد التغريدة و أحياناً مذكراً نفسي وإياهم بالآيات و الأحاديث التي تحث على الرفق و اللين و قول التي هي أحسن خصوصاً أن سمت بعضهم يُظهر تديّنهم و البعض الآخر يضع عبارات في معرّفه توحي بذلك ، لكني للأسف لم أجد من معظمهم إلاّ المزيد من العنف ؛ فآثرت بعدها السكوت و الحظر لمن يتجاوز أدب الحوار و يتعدى في ألفاظه دون الرد عليهم ..
و في الغالب لا يُعرف سبب واضح لهذا العنف اللفظي من بعض فئات مجتمع تجاه فئات أخرى ، و لا كذلك سبب العنف اللفظي تجاه الفرد أو الأفراد المخالفين في آرائهم ..
من المفترض أن تربيتنا الدينية تحث على الأدب و الإحسان و الرحمة و إحترام الكبار و العطف على الصغار و قول التي هي أحسن ، و تدعونا إلى التواضع و المساواة و أن لا فضل لعربي على عجمي إلاّ بالتقوى .. فرسولنا الأعظم صلى الله عليه و سلم قال إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ..
و لكن واقعنا للأسف خلاف ذلك .. فتجد الصغير لا يوقر الكبير و لا يتورع عن شتمه بأقذع الشتائم بل و يعيّره بشيبه و كبره و عجزه ، و تجد الجاهل لا يقيم وزناً للعالم و لا يتوقف عن قصفه بجملة من الكلمات النابية ؛ و لبعض النساء صولات و جولات تجاه (أبو سروال و فلينة) و لبعض الرجال مثلها تجاه (أم ركب سود) ؛ و لبعض الحضر مقولاتهم تجاه البدو و البدو تجاه الحضر .. إلى آخره..
و لذلك نحن في حاجة ماسة لاستقصاء الأسباب و معرفة الدوافع لكل هذا الكم الذي تنضح به مواقع التواصل الاجتماعي من هجوم و شتائم و قذف و تشهير .. و العمل على علاجها قبل أن تتفاقم و يتجاوز عنفها العالم الإفتراضي إلى العالم الواقعي نتيجة للشحن النفسي و العاطفي لأطراف الخلاف ويمتد الأمر إلى بث مشاعر الغضب و الكراهية في المجتمع و تفتيته و إضعافه ..
لابد للجهات المعنية بالمجتمع و التنمية المجتمعية أن تعمل على مواجهة ظواهر العنف المجتمعي و منها ظاهرة العنف اللفظي في مواقع التواصل الاجتماعي و تهذيب سلوك أفراد المجتمع الذين جنحوا إلى العنف تجاه الآخرين من خلال برامج إعلامية و تربوية أخلاقية تشيع مكارم الأخلاق و منها التسامح و التعاطف و المحبة بين أفراد الأسر و المجتمع ، و مترافقة مع قوانين رادعة و تطبيق حازم لها على كل من يتعدى على غيره ..
و الله ولي التوفيق.
د. فائز صالح جمال
11/03/1438هـ
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
13/03/1438 |
12/12/2016 |
مكة المكرمة |
1065 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
1065 تنمية الأخلاق الرأي 13/03/1438 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/586642