بل هو كيان شامخ يا عمدة !!

by Admin

بل هو كيان شامخ يا عمدة !!

اطلعت على ما نُشر في هذه الصحيفة الغراء يوم الثلاثاء 2/8/1418هـ على لسان عمدة الرصيفة الأستاذ عبد الكريم حبيب ، وتحت عنوان (كرّموا هذا الرجل المكي الحجازي) ، وهو يقصد بذلك سعادة الشيخ الفاضل عبد الرحمن عبد القادر فقيه ، وقد سرد بعضاً من -أقول بعضاً وليس كل- مآثر الشيخ عبد الرحمن وأياديه البيضاء ، وطالب بتكريمه ، وفي الحقيقة أنه مطلب نؤيده بشدة ونضم صوتنا إلى صوته ، وإن كان الشيخ عبد الرحمن فقيه غني عن شهادتي المجروحة له لكونه من ود الوالد يرحمه الله ، فهو بلاشك يستحق كل تكريم وفاء وعرفان .

وقد جاء في سياق ما ذكره عن مآثر الشيخ عبد الرحمن فقيه ، دعمه وتدعيمه للغرفة التجارية بمكة المكرمة التي وصفها -العمدة- بأنها “الكيان التجاري المتهالك لعدم تعاون التجار وأصحاب المهن معه” ، وقبل التعقيب على وصف الغرفة بأنها كيان متهالك أود التأكيد على أنه اعتراضي ينصب على وصف الغرفة بالكيان المتهالك ، وأما أداء الشيخ وإنجازات الغرفة أثناء رئاسته لها فهو ليس موضوعنا في هذا المقال ..

و أقول : إن الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة كيان مكي شامخ ، دأب على خدمته نخبة من تجار وصناع العاصمة المقدسة على مدى 50 عاماً من عمرها المديد إنشاء الله ، ولقد أتيحت لي الفرصة كي أطلع على بعض تاريخ الغرفة وإنجازاتها ورجالها منذ تأسيسها في عام 1368هـ وحتى الآن ، وذلك أثناء إعدادي لكتاب وثائقي -لم أفرغ منه حتى الآن- يؤرخ لغرفة مكة المكرمة ومسيرتها وإنجازاتها منذ تأسيسها وحتى هذا العام 1418هـ ، أي على مدى خمسين عاماً ، وذلك بمناسبة احتفالات الغرفة بالذكرى الخمسين على تأسيسها. 

فغرفة مكة المكرمة هي من أوائل الغرف التجارية السعودية وقد تزامن طلب تأسيسها مع غرفة جدة أولى غرف المملكة حيث تأسست عام 1365هـ ، بل يروي الشيخ محمد بوقري رئيس الغرفة السابق حفظه الله ومتع بحياته ، أن غرفة مكة من حيث الفكرة والممارسة هي الأولى ، وأن الموافقة الرسمية على تأسيس غرفة جدة سبقت بسبب موقعها الجغرافي وكونها تستقبل البضائع من البحر ، و لتحل محل المحكمة التجارية المختصة بفض المنازعات المتعلقة بوصول البضائع وتفريغها ، ثم تلتها غرفة مكة المكرمة عام 1368هـ ، التي لاتزال تمارس مهامها وتؤدي واجباتها في خدمة رجال أعمال العاصمة المقدسة بكفاءة واقتدار …

صحيح أن هذا الأداء يتأثر -صعوداً وهبوطاً- بكفاءة القائمين على الغرفة ، وصحيح أننا نطالب الغرفة بالمزيد من العمل والإنجازات والتفوق ، ولكن هذا لا يعني أو يبرر لنا أن نصفها بالكيان التجاري المتهالك ..

ولعل من المناسب أن نعرّج على بعض إنجازات الغرفة خلال مسيرتها التي امتدت إلى خمسين عاماً ، للتدليل على أنها  منذ تأسيسها كيان تجاري شامخ ولايزال ، فقد كانت غرفة مكة أول غرفة تبني مقراً خاصاً بها بتعاون وتمويل كبار التجار في مكة آنذاك ، وذلك خلال العام الأول من تأسيسها وسبقت بذلك غرفة جدة ، حيث تم الاستئذان من إدارة الأوقاف بالبناء على أحد الأوقاف في (خان اليوسفي) أو ما كان يُسمى بشارع فيصل ، ثم أشترت أرضاً في شعب علي بهدف البناء عليها ، إلاّ أنه نُزعت ملكيتها لصالح أحد المشاريع الحكومية و تم تعويض الغرفة ، فاشترت بتعويضها أرضاً في ريع الرسام ، وأيضاً تم نزع جزء من ملكيتها وتم تعويض الغرفة ، فباعت الغرفة الجزء المتبقي ، و اشترت أرضاً في برحة الرشيدي -الحجون- وبنت عليه مقراً لها مكون من عشرة أدوار وانتقلت إليه في عام 1402هـ ، وبعد ذلك فكرت في إنشاء مبنى حديث فقامت بشراء أرض تقع على تقاطع شارع عبد الله عريف مع طريق جدة ، وقامت بإعداد تصاميمه على أحدث مستوى ..

 وغرفة مكة هي أول غرفة تبني مركزاً للمعارض ، في المدينة الصناعية بمكة المكرمة و الذي أُطلق عليه فيما بعد اسم رئيسها السابق (الوالد) صالح محمد جمال يرحمه الله ، تكريماً ووفاءً وتقديراً للدور الذي قام به في خدمة الغرفة ، و لقد ساهمت الغرفة منذ تأسيسها في وضع وصياغة الكثير من الأنظمة والقرارات المتعلقة بالتجار ، وشاركت في غالبية الوفود التجارية السعودية إلى مختلف دول العالم لدعم علاقاتها التجارية مع المملكة ، وظلت غرفة مكة  تواكب على مدى دوراتها المتتالية مستحدثات ومتطلبات المراحل المختلفة ، فتوسعت و تعددت أقسامها وتنوعت خدماتها ، فأصدرت مجلة التجارة والصناعة ، أدخلت إلى أعمالها الحاسب الآلي ، وأسست مركزاً للبحوث ومركزاً للتدريب ، و حصلت على أرض كبيرة كمستودعات لتجار مكة في جدة بالقرب من ميناء جدة الإسلامي ..

و المتتبع لأنشطة الغرف يلحظ أن غرفة مكة المكرمة واكبت تطورات الغرف الكبيرة من حيث نوعية المهام -وليس حجمها لأن الحجم تبع لأعداد المنتسبين- والخدمات التي تُقدم لمنتسبيها و للقطاع الاقتصادي بشكل عام ، بل أنها سبقت الغرف الكبرى إلى عدد من الإنجازات والمبادرات كما أسلفنا ..

لذلك لا نقبل أن توصف غرفتنا العزيزة إلاّ بالكيان الشامخ ، ودائماً بإذن الله ثم بعزيمة الرجال ، وستضل غرفة مكة -إنشاء الله- علامة مميزة في مسيرة الغرف التجارية السعودية ..

26/7/1418هـ                                                    فائز صالح محمد جمال

 

بيانات النشر

نُشر : يوم : السبت الموافق : 13/8/1418هـ

في صحيفة : الندوة           رقم العدد : 11894         صفحة رقم : 7 (الرأي) .

التعديل : لا يوجد .

 

11894 التجارة و الصناعة صفحة الرأي 13/8/1418هـ الندوة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق