بل نحن نرجو الله ..!!

by د.فائز جمال

“الدعوة إلى تعريب الدراسة في الجامعات العربية وكليات الطب بالذات .. دعوة ينقصها المنطق والبرهان العلمي ، تتلفع لإخفاء بشاعتها بدعاوى وطنية وقومية بل واسلاموية ، وهي في حقيقتها التطرف الأعمى بعينه .. “

هكذا بدأ الأستاذ عبدالله أبو السمح مقالته المنشورة بعدد عكاظ الذي صدر السبت 18/6/1416هـ تحت عنوان (ونرجو الله) . وفي واقع الأمر أنني بعد قراءة المقالة تملكتني الدهشة واختلطت في نفسي مشاعر الحزن والغضب .. فهو يرى أن هذه الدعوة – وهي تعريب العلوم وخصوصا الطب – هي التطرف الأعمى بعينه وأنها دعوة بشعة ، ولا تستند إلى منطق أو برهان علمي ، وأن اللغة العربية توقف نموها ولن تؤدي الغرض المطلوب .. هكذا !!

لقد تمنيت لو أن الأستاذ عبدالله أبو السمح قد اطّلع على كتاب الأستاذ الدكتور زهير أحمد السباعي (تجربتي في تعليم الطب باللغة العربية) الذي صدر عن نادي المنطقة الشرقية الأدبي بالدمام قبل أن يكتب ما كتب حتى يتأكد من أن الدعوة لا ينقصها المنطق والبرهان العلمي ، بل هي دعوة – حق في زمن كثر فيه الباطل – بُنيت على أسس علمية ومنطقية وبالأرقام ، وأتت على كل الحجج التي يحاجج بها من يتوهمون أضرارا ستلحق بالأمة من جراء تعريب العلوم وسأنقل فيما يلي بعض ما جاء في كتاب الدكتور زهير السباعي وهي شهادة شاهد من أهلها فهو طبيب وأستاذ يمارس تعليم الطب :

“ان تعريب الطب لا يُعفي الطبيب من أن يتقن لغة أجنبية واحدة على الأقل ، ليتمكن من متابعة ما يحدث في عالم الطب من تقدم ” ص26

” ان الأطباء السوريين – وهم يدرسون الطب بالعربية – لا يقل مستواهم في امتحان ECFMG  – وهو امتحان يعقد باللغة الانجليزية في أمريكا لمن يرغب في استكمال دراسته العليا فيها – عن مستوى زملائهم من جميع أنحاء العالم ” ص34

” يقولون اننا نُعلِّم الطالب بالانجليزية أو بالفرنسية أو الايطالية حتى يستطيع متابعة الركب العلمي بعد تخرجه.  فإذا علمنا أن نسبة من يتابعه من الأطباء الخريجين من كلية أجنبية لا تتعدى الخمسة في المائة فأي ركب هذا !؟”ص41

“إن طالب الطب باللغة الانجليزية لا يتقن في سنته النهائية أن يتحدث أو يقرأ أو يكتب بها . فإذا كانت أداة التعبير لديه ضعيفة فكيف يتقن ما يتعلم ؟ وهو كذلك لا يجيد الحوار والنقاش باللغة الانجليزية ، والنقاش والحوار هما أساس التعليم الطبي ” ص 58

” ان نسبة المصطلحات الطبية – وهي التعبيرات التي لا نجدها في مفردات الكلام العادي –  في الكتب والمراجع باللغة الانجليزية لا تتجاوز نسبتها 3.3% “

“ان سرعة القراءة باللغة العربية تزيد بنسبة 43% عن سرعة القراءة باللغة الانجليزية و أن الاستيعاب للنص باللغة العربية أفضل بنسبة 15% من استيعابه باللغة الانجليزية ، وبما أن سرعة القراءة تعكس الجانب الكمي لعملية التحصيل بينما القدرة على الاستيعاب تعكس الجانب الكيفي لها فإن حساب البعدين الكمي والكيفي يعكس تحسنا في التحصيل العلمي بنسبة 64% في المتوسط (55% للأطباء و 80% لطلبة الطب) ” ص84 (انتهى النقل) .

و في اعتقادي أن إتقان اللغة الأجنبية لا يعود إلى تعليم العلوم بتلك اللغة بقدر ما يعود ذلك  للطالب نفسه واجتهاده ، فكم من طلاب الطب وغيرهم تخرجوا وهم لايجيدون التحدث العادي باللغة الانجليزية التي درسوا بها ، في حين أن غيرهم ممن درسوا علومهم باللغة العربية أتقنوا اللغة الانجليزية تحدثا وكتابة أيما إتقان . وبما أن المصطلحات في كتب الطب في حدود الثلاثة في المائة ، فإن معرفة طالب الطب لتلك المصطلحات كافٍ لتهيئته لمتابعة ركب التقدم اذا رغب واجتهد . أما أن تكون اللغة الانجليزية عائقا لمعظم طلاب الطب دون الفهم العميق لهذا العلم واستيعابه بما يسمح لهم بالنقاش والحوار وبالتالي الابداع ، فهو أمر مرفوض ولابد من تغييره . وتمسكنا بتعليم العلوم عموما باللغة الانجليزية سيجعلنا دائما في موقع المتابعين للتطور في تلك العلوم دون التقدم الى موقع المبدعين .

لذا فإننا نرجو الله أن تتظافر جهود المخلصين من أبناء هذه الأمة لتستعيد الأمة مكانتها في الابداع والريادة وتتحقق آمال الأصفياء الخيرين من مفكري الأمة ومثقفيها .  والله الملهم الصواب للجميع  .

3/7/1416هـ                                                     فائز صالح محمد جمال

نُشر : يوم : الإثنين الموافق  05/07/1416هـ

في صحبفة : المدينة المنورة     رقم العدد : 11923        صفحة رقم : 13 (الرأي) .

التعديل :

11923 التعليم و الجامعات الرأي 05/07/1416هـ المدينة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق