الوافدون و رفاه المواطنين .. تصحيح النظرة
قد لا يعلم البعض أن من أهم أدوار الحكومات هو السعي الدائم من أجل تحقيق الرفاه لمجتمعاتهم ، و الرفاهة تعني حسب القاموس المحيط : رغد العيش و سعة الرزق و الخِصْب و النعيم..
و تحقيق هذه الرفاهية يستلزم من الحكومات وضع نظم و تقديم تسهيلات وتوفير حزم من وسائل الدعم المادي من أجل توفير مجموعة واسعة من السلع و المنتجات و الخدمات ، بعضها تقدمها الحكومة و البعض الآخر يقدمها القطاع الخاص و يساهم كذلك القطاع الثالث وهو القطاع الخيري و المجتمع المدني بشكل عام في تقديم بعضها ..
و من بين مجموعة الخدمات و المنتجات التي ينهض بها القطاع الخاص أصالة أو نيابة عن الجهات الحكومية بموجب عقود خدمات التعليم و خدمات العلاج و إنشاء الطرق و المباني و تشغيل المطارات و الفنادق و المطاعم و المصانع و صيانة الطرق و صيانة السيارات و المباني و نظافة المدن و … إلى آخره
و حسب أحدث كتاب إحصائي لوزارة العمل وهو لعام 1436/1437 يبلغ عدد الإخوة الوافدين العاملين في منشآت القطاع الخاص عدد 8.878.116 عامل و بنسبة تصل إلى 83.6% و هذا يعني أن مساهمة الإخوة الوافدين في تقديم الخدمات و توفير المنتجات و بالتالي في تحقيق رفاهية أفراد المجتمع هي مساهمة كبيرة و مقدرة ..
و فرض ضغوط على هذه العمالة سينعكس حتماً على مستوى رفاهية أفراد المجتمع سواء من جهة ارتفاع كلفة المعيشة أو تراجع مستويات الخدمات المساهمين في تقديمها أو تراجع مستويات وفرتها و جودتها ..
و القرارات الأخيرة المتعلقة بالتوازن المالي جعلت الوافدين بين مطرقة فرض المقابل المالي و سندان إلغاء الدعم عن الكهرباء و الماء و الوقود .. فقد فرضت مقابل مالي تصاعدي على مرافقي الوافدين و ضاعفت المبالغ التي سيدفعها أصحاب العمل عن العمالة الوافدة و تصاعدها لمبالغ كبيرة جداً ..
و هذه الضغوط حتماً ستُحدث موجات متتابعة –حسب جدول تنفيذ القرارات المالية- من تضخم الأسعار و قد تدفع أعداد معتبرة من الوافدين إلى البحث عن أسواق عمل أفضل و الرحيل إليها ، و في ظني أن العمالة الأكثر كفاءة ستكون في مقدمة الراحلين عنا ..
ومن جهة أخرى هذه الأعباء التي ستثقل كاهل الوافدين و أصحاب العمل سوف تضعف تنافسية القطاع الخاص وبالأخص في مجال الصناعة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج ، و هو سيضعف تنافسيتها أمام المنتجات المستوردة و كذلك في الأسواق الخاجية لو كان لها صادرات ، و ستتسبب في تكدس منتجاتهم في المستودعات و تباطؤ أو حتى توقف خطوط الإنتاج و إغلاق بعض المصانع بشكل نهائي ..
ولا شك بأن مثل هذا الآثار لو تحققت فإنها ستلقي بظلالها على معيشة المواطنين و الوافدين وعلى مستوى الرفاهية التي يعيشونها ..
أقول هذا الكلام لمن هلل لفرض الأعباء الجديدة على الوافدين و حرمانهم من الدعم الحكومي للكهرباء و الوقود و رحب برحيلهم ليعرف أنهم المساهم الأكبر في كل ما يتم توفيره من سلع و خدمات و يتحقق من رفاهية ورغد العيش..
و إذا علمنا أن عدد العاطلين منا وفقاً لأحدث الاحصائيات أقل من 700 ألف شخص وهو ما يقل عن عُشْر عدد الوافدين المسجلين في احصائيات وزارة العمل فإن علينا أن نعلم مقدار حاجة المجتمع و الاقتصاد الوطني للعمالة الوافدة و لعقود قادمة ..
د. فائز صالح جمال
02/04/1438هـ
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
04/04/1438 |
02/01/2017 |
مكة المكرمة |
1086 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
1086 تنمية الأخلاق الرأي 04/04/1438 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/588910