الضرورة هي توسعة المطاف و التيسير أن لا تكون في صحنه !!
يدور في الصحافة هذه الأيام الحديث عن ضرورة توسعة المطاف ، ولاستيعاب الأعداد المتزايدة ، المتوقع تدفقها إليه في أوقات الذروة ، خصوصاً في أيام الحج ، بسبب انسياب الحركة على جسر الجمرات ، وتدفق أعداد كبيرة منه إلى المسجد الحرام ، و أيضاً لمواكبة توسعة المسعى.
و هناك مطالبات صريحة و أخرى تلمح إلى توسعة الصحن ، بإزالة الرواق القديم ، و إنزال ذلك منزلة الضرورة ، و للتيسير على المسلمين .
وهناك أيضاً أفكار أخرى تشير إلى التوسعة الرأسية للمطاف ، ببناء أدوار إضافية أسوة بالمسعى ، و هناك من تحدث عن المطاف الهيدروليكي بمحاذاة الرواق ..
و في تصوري أنه لا يوجد خلاف حول الحاجة إلى توسعة المطاف ، و إنما الخلاف حول المنهجية أو الأسلوب المقترح للتوسعة ، و هذا ذكّرني بالخلاف حول منهجية معالجة إشكالية الازدحام و التدافع في منطقة الجمرات في منى ، فالمنهجية الأولى كانت تركز على (الاستيعابية) ، أي التوسع في المساحات المفتوحة لاستيعاب الأعداد المتزايدة للحجاج ، و هي التي قام عليها مشروع الجسر الحالي ، و المنهجية الثانية و كانت تركز على (الانسيابية) ، أي تحديد مسارات أضيق وعلى قدر الحاجة ، يتم من خلالها التحكم في حركة الحجاج ، و الأعداد المتدفقة لمنطقة الجمرات ، و تلك المتدفقة منها إلى المسجد الحرام ، و تمنع تواجد أعداد كبيرة منهم حول أحواض الجمرات دون التمكن من أداء شعيرة الرجم ، بسبب البعد عنها . لأن زيادة عرض الجسر حول الشواخص و الأحواض عن عشرة أمتار من الجهتين سيؤدي إلى تكدس أعداد كبيرة من الحجاج دون التمكن من الرجم ، و هو ما سوف يربك الحركة ، لأن الحجاج الذي يقفون على مسافة تزيد عن قدرتهم على رجم الشاخص أو على الأقل إيصال الحصى إلى داخل الحوض ، سيظلون يحاولون الاقتراب لإتمام الرجم. و زيادة أعداد الحشود في مساحات كبيرة يُصعّب إدارتها ، و مواجهة أي طارئ لا سمح الله.
منهجية الاستيعابية في جسر الجمرات الحالي أدت إلى تدفق أعداد كبيرة جداً للمسجد الحرام يومي العاشر و الثاني عشر من ذي الحجة ، و لذلك تم تجنيد آلاف الجنود ، و إنشاء وحدة خاصة لمراقبة حركة تدفق الحجاج على جسر الجمرات ، و نشط القائمون على مشروع الجسر في إقامة ورش عمل متتابعة للحد من هذا التدفق ، من خلال التشديد على الالتزام بأوقات تفويج الحجاج إلى جسر الجمرات ، أي أنهم نقلوا التحكم في الحركة بواسطة بنية الجسر ، إلى مجموعات الخدمة في مؤسسات الطوافة ، التي تواجه صعوبات في التحكم في خروج الحجاج للرجم ، و هو ما يكتنفه الكثير من المخاطر التي سوف تتزايد في المستقبل بتزايد الأعداد ..
و في تصوري أننا في مسألة توسعة المطاف نحن أمام تقريباً نفس المنهجيتين ، فمنهجية الاستيعابية هي التي تطالب بتوسعة الصحن و إزالة الرواق القديم ، و الانسيابية تطالب بالتوسعة الرأسية ببناء أدوار مرتبطة بأدوار المسعى .
و توسعة المطاف وفقاً لمنهج الاستيعابية ، بإزالة الرواق القديم ، سوف تؤدي إلى زيادة مخاطر الزحام و التدافع ، في المطاف و الدور الأرضي من المسعى ، لأن طاقة الصحن بعد إزالة الرواق ستفوق طاقة المسعى في الدور الأرضي ، و لأن الأعداد الحالية التي تدخل المطاف في الأصل كبيرة ، و هناك صعوبة في التحكم فيها ، و تنظيم دخولها و خروجها من الصحن ، وهذا ما نشاهده بوضوح من زحام في أوقات الذروة في المنطقة المقابلة للحجر الأسود ، وهي منطقة الدخول و الخروج من المطاف ، و أيضاً في الممر المؤدي من المطاف إلى الصفا في المسعى.
و كما هو معروف – ويمكن قياسه هندسياً- أنه في حال التوسعة بإزالة الرواق ستتسع دائرة المطاف ، و ستتضاعف الأعداد ، و بالتالي ستزداد مخاطر الزحام و التدافع ، و مشاكل ضيق التنفس ، و زيادة نسب الإصابة بالأمراض المعدية ، و غير ذلك ..
و أما توسعة المطاف وفقاً لمنهجية الإنسيابية ، فسوف يتم من خلال بناء أدوار للمطاف ، يكون قطرها الداخلي من جهة الكعبة هو نفس قطر الصحن الحالي المحاذي للرواق القديم ، أي يبدأ بعد قطر دائرة الصحن الحالي ، وقد يكون لها قطر خارجي حسب الدراسات الهندسية و الحاجة إلى المزيد من الإضاءة الطبيعية في النهار ، و التهوية للمطاف ، و يتم ربط هذه الأدوار بأدوار المسعى ، و سوف يتحقق من هذه التوسعة عدة فوائد :
الفائدة الأولى: أن التوسعة ستكون أكبر من التوسعة الناتجة توسعة الصحن بإزالة الرواق القديم ، و ستتضاعف بمقدار عدد الأدوار التي سوف يتم إنشاءها .
الفائدة الثانية : تحقيق التوازن ما بين الأعداد و الحركة في الطواف و السعي في كل دور .
الفائدة الثالثة : إمكانية ربط كل دور من أدوار الطواف بدور من أدوار السعي ، و بمداخل و مخارج خاصة ، من الجهات الأربعة للمسجد الحرام ، ومراعاة ذلك في تخطيط الطرق و محطات النقل العام حول المسجد الحرام ، و الاستفادة من طبوغرافية مكة المكرمة شرفها الله في تفتيت الحشود و توزيع الحركة.
الفائدة الأخيرة : الحفاظ على الرواق القديم الذي مضى على بعض أجزائه و أعمدته أكثر من ألف ومائتي عام ..
و الله أعلم .
8/2/1431هـ فائز صالح محمد جمال فاكس 5422611-02 Email: fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
الإثنين |
10/2/1431هـ |
المدينة المنورة |
17078 |
الرأي |
التعديل : لايوجد . |
17078 المسجد الحرام صفحة الرأي 1434/1/3 المدينة A r