السياحة العلاجية ورؤية 2030
لابد أن أؤكد في مطلع مقالي هذا على أنني لا أدعو أو أقصد من قريب أو من بعيد أن يكون هناك أي تساهل تجاه محاسبة أي مخطيء كائناً من كان أو السماح بأي قصور يتعلق بصحة الناس و سلامة أرواحهم ..
و حديثي سيكون حول تضرر القطاع الصحي عموماً و الخاص منه على وجه الخصوص من بعض إجراءات وزارة الصحة ومن الإعلام غير المهني ، و آثار ذلك على أفراد المجتمع و على الاقتصاد الجزئي متمثلاً في القطاع الصحي و منشآته و الاقتصاد الكلي متمثلاً في تنويع مصادر دخله ..
فقد تكرر إغلاق وزارة الصحة لعدد من المستشفيات في السنوات الأخيرة بسبب بعض الأخطاء الطبية و لفترات طويلة يتكبد خلالها أصحاب المستشفيات خسائر كبيرة جداً ، ويتضرر من الإغلاق آلاف المرضى جراء توقف علاجهم بسبب اغلاق العيادات و غرف العمليات و صعوبة اصطحاب ملفاتهم الطبية التي تحوي تاريخهم الصحي و التشخيصي و العلاجي ، و يمتد الضرر ليشمل مئات الأطباء و الفنيين و العاملين في المستشفى المغلق ..
صحيح أنه لابد من معاقبة مرتكبي الأخطاء الطبية و كذلك المرافق الصحية المخالفة ، و لكن لابد أن تكون العقوبات على قدر الخطأ و المخالفة ، كأن يتم إيقاف مرتكب الخطأ الطبي من ممارسة عمله لفترة محددة لا تتجاوز عدة أيام يتم خلالها التحقيق و التأكد من ارتكاب الخطأ ، فإن ثبت خطؤه تم تحديد العقوبة الملائمة لحجم الخطأ ، و إن لم يثبت و كان الأمر متعلق بمضاعفات محتملة للحالة فيُمكّن من الممارسة من جديد دون تأخير تفادياً لتضرره و تضرر مرضاه ..
و كذلك بالنسبة للمنشأة الصحية فيتم إغلاق الوحدة أو القسم الذي وقع فيها الخطأ الطبي إن لزم ذلك أيضاً لعدة أيام من أجل التحقيق فأن ثبت وجود خلل أو مخالفة يتم معالجتها و إعادة التشغيل بأسرع وقت لكي لا يتضرر المرضى من الإغلاق ..
أما الإغلاق المستشفى فور اشتباه وجود خطأ طبي فيعتبر عقوبة جماعية لأصحاب المستشفى و لمرضاه و العاملين فيه قبل التحقق من وقوع ما يستوجب العقوبة ..
و لهذا الإجراء من قبل وزارة الصحة -و هي صاحبة قرارات إغلاق المرافق الصحية- تبعات غير مباشرة و آثار ممتدة لا تقتصر على ما ذُكر أعلاه .. منها:
اهتزاز ثقة المرضى في المرفق الصحي و شعورهم المتنامي بالقلق ..
اهتزاز ثقة الطبيب في نفسه و امتناعه عن القيام ببعض العمليات أو العلاجات التي لها آثار جانبية و مضاعفات متوقعة خوفاً من المساءلة و العقوبات الجماعية المغلظة ..
الإحجام عن الاستثمار في المجال الصحي و تراجع أعداد المرافق الصحية و و انخفاض معدلاتها مقارنة بالمعدلات المثالية مقابل عدد السكّان ..
وهنا انتقل إلى الهدف الأهم لرؤية 2030 و هو تنويع مصادر الدخل لأقول بأن من المهم الاهتمام بتطوير القطاع الصحي إلى المستوى الذي يجعله قبلة للمرضى من خارج المملكة ، و بناء منظومة علاجية متقدمة تضع الأساس لسياحة علاجية ناجحة. فالسياحة العلاجية قد تتفوق على غيرها مثل سياحة المعارض و المؤتمرات و سياحة التدريب و التعليم و سياحة الترفيه من جهة ما تستجلبه من مبالغ للاقتصاد الوطني من الخارج ..
و لكننا في ظل ما يشهده القطاع لصحي الخاص من إغلاقات متكررة لكبريات المستشفيات فإننا غير قادرين على جذب المستثمرين للإستثمار في مجال الخدمات الصحية و العلاجية ، فبيئة الأعمال في هذا المجال طاردة لما هو قائم و ما هو محتمل من استثمارات و من كفاءات طبية ..
وبقي القول بأن إغلاق وزارة الصحة للمستشفيات و الإعلام الجاهل بإجراءات و خطوات العلاج و مضاعفاتها و آثارها الجانبية يسهمان في تكوين بيئة طاردة للاستثمار و العمل في المجال الصحي و في إشاعة القلق و الخوف في نفوس المرضى و غير المرضى من أفراد المجتمع.
د. فائز صالح جمال
26/02/1438هـ
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
28/02/1438 |
28/11/2016 |
مكة المكرمة |
1051 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
http://makkahnewspaper.com/article/585188 |
|||||
1051 التجارة و الصناعة الرأي 28/02/1438 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/585188