الرؤية و دعم القطاع الخاص وتنافسيته .. كيف ؟

by د.فائز جمال

الرؤية و دعم القطاع الخاص وتنافسيته .. كيف ؟

لابد لي في البداية أن أشيد بمبدأ أن يكون للمملكة رؤية و خطة استراتيجية لفترة طويلة تتجاوز مبدأ الخطط الخمسية التي مضى على اعتمادها حوالي خمسة عقود لم يعرف المواطنين فيها وجهة محددة و موحدة ..

و لكن من المتفق عليه في أدبيات و ممارسات الإدارة الحديثة هو أن الأهم من الخطط الاستراتيجية أو التكتيكية هو تنفيذها و تحقيق أهدافها ..

وقد أشكل علي يوم صدور ميزانية الدولة الخميس الماضي بعض الأمور منها تكرار الحديث عن الترشيد و عن دعم المواطن و دعم القطاع الخاص و تنافسيته محلياً و عالمياً بينما البرامج المرافقة للميزانية تشي بعكس ذلك ..

فأما ما يتعلق بترشيد استهلاك الطاقة فسأشير إلى مثال ورد في الملفات التوضيحية لشرائح قيمة استهلاك الكهرباء قبل و بعد التعديل المزمع تطبيقه بعد سبعة أشهر في يوليو 2017 ، إذ ورد في مثال توضيحي بأن فاتورة استهلاك بقيمة 100 ريال ستتضاعف بعد الزيادة لتصبح 380 ريال أي زيادة بنسبة 380% و فاتورة استهلاك بقيمة 600 ريال ستصبح بعد الزيادة 1045 ريال أي زيادة بنسبة 74% فقط ، فهل يُصبح المواطن الأقل استهلاكاً و هو يمثل الشريحة الأكبر هو المستهدف بالزيادة أكثر من صاحب الاستهلاك الأعلى؟

بمعنى آخر من وضع الشرائح الجديدة كان يراعي استهداف ترشيد الاستهلاك أم زيادة حصيلة خزينة الدولة من الإيرادات غير النفطية؟ سؤال للاستيضاح لأن هذه الحال تتناقض مع أهداف الترشيد المعلنة و مع أهداف مراعاة المواطن.

و أما ما يتعلق بالحديث عن أهداف دعم القطاع الخاص و رفع تنافسيته محلياً و إقليمياً و عالمياً فإن ما تضمنته الميزانية و البرامج المرافقة لإعلانها تسير في اتجاه معاكس تماماً من عدة جهات ..

أولها النظرة القاصرة لدى البعض للعمالة الوافدة و تصويرها و كأنها أتت من عندياتها و لم يتم استقدامها من قبلنا و من كل قطاعاتنا (العام و الخاص و الثالث) من أجل المساهمة في تنفيذ مشاريعنا و تشغيل منشآتنا و توفير ما نحتاجه من خدمات ، و فرض حزمة جديدة من الرسوم لا تفرق بين العمالة ذات الرواتب المتدنية و تلك المرتفعة ، و تفوق ما قد يُفرض من ضرائب في دول أخرى ، إضافة إلى رفع الدعم عنها في الطاقة و الوقود و ما إلى ذلك ؛ و هو ما سوف يجعل أسواقنا تخسر العمالة الأكثر كفاءة من هذه العمالة و قد تحتفظ بالأقل كفاءة وبتلك التي ضررها أكثر من نفعها .. في الوقت التي لا يوجد لدينا أعداد من المواطنين العاطلين عن العمل تعوض حتى عُشر أعداد العمالة الوافدة التي نبتكر من الحوافز ما يدفعها للخروج إلى أسواق أخرى ..

و أما الجهة الثانية لمعاكسة أهداف دعم القطاع الخاص و تنافسيته -إضافة إلى ضغوط رفع الدعم و ما سمي المقابل المالي- هي استمرار العمل على مبدأ رفع كلفة العمالة الوافدة من خلال مضاعفة مبلغ الـ 2400 ريال الذي يدفعه صاحب العمل أربعة أضعاف خلال ثلاث سنوات ليصل إلى 9600 ريال.

فمن أهم عناصر التنافسية و دعم القطاع الخاص للمحافظة على حصصه في الأسواق المحلية و الإقليمية و العالمية عنصر التكلفة التي من بينها كلفة الأيدي العاملة ، و لعل المراقب لتطور اقتصاد الصين الذي أصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيلحظ اتجاه الصنّاع من أمريكا و أوروبا إلى تأسيس مصانعهم هناك بسبب انخفاض كلفة الأيدي العاملة التي نسعى نحن لرفعها باستمرار بحجة التوطين تارة و بحجة الترشيد تارة أخرى .. فبدءً من مضاعفة رسوم الإقامة و رسوم التأشيرات ثم رسم صندوق تنمية الموارد البشرية ثم فرض التأمين الصحي على العمالة ثم فرض رسم الـ 2400 ريال ثم فرض التأمين الصحي على المرافقين و الآن رفع الدعم ، وهو ما جعل هذ الكلف سبباً حدوث موجات من تضخم الأسعار من جانب و في خسارة و افلاس و توقف العديد من مؤسسات القطاع الخاص .. وفي الحالين المواطن هو المتضرر مستهلكاً و تاجرا..

فهل من مجيب ؟

د. فائز صالح جمال

25/03/1438هـ

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

27/03/1438

26/12/2016

مكة المكرمة

1079

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://makkahnewspaper.com/article/588206

           

 

 

1079 التجارة و الصناعة الرأي 27/03/1438 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/588206

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق