الخصخصة و الشراكة ومنافسة الحكومة للقطاع الخاص
كثيراً ما سمعنا عن الخصخصة Privatisation ، و الشراكة ما بين القطاعين العام و الخاص Public Private Partnership و هما مفهومان متضادان في الشكل متحدان في الأهداف النهائية ..
فالخصخصة تعني تنازل أو بيع الحكومة لأصول تملكها للقطاع الخاص بهدف تحسين الأداء و خفض التكلفة و الأسعار.
و أما الشراكة و التي يُرمز لها بالحروف الإنجليزية PPP فتعني تنازل القطاع الخاص عن أصول قام بتأسيسها للحكومة مقابل مزايا تغطي كلفة التأسيس مع هامش ربح وبهدف توفير خدمات معينة و بجودة أفضل و كلفة أقل.
و عليه فإن كلايهما يهدفان إلى تقديم الخدمات تقع ضمن مسئوليات و واجبات الدولة كخدمات الصحة و التعليم و المطارات و المياه و الصرف و الطرق بجودة أعلى و كلفة أقل.
ومن أمثلة الخصخصة لدينا بيع الحكومة لجزء من أصولها في شبكات الاتصالات ، و الخطوط السعوية ، شركات سابك و الكهرباء ..
و أما الشراكة فأمثلتها كما أُعلن في إحدى جلسات منتدى جدة الاقتصادي 2016م الأسبوع الماضي هي بناء صالات الحجاج في مطار جدة ، و بناء مطار المدينة المنورة و انشاء محطة تحلية مياه مطار جدة ، و بناء نظام ادارة النفايات في فلسطين و إنشاء محطة معالجة صرف صحي في مصر ..
و من الواضح أن كليهما -الخصخصة و الشراكة- محصور فيما هو من واجبات و اختصاصات الدولة ..
و عليه فلا تصح الشراكة بين الحكومة و القطاع الخاص فيما يُعد في الأساس من أنشطة القطاع الخاص التجارية الربحية .. لأن ذلك سيحوّل الشراكة إلى منافسة من قبل الحكومة للقطاع الخاص و هذا مفسدة و مضرة للقطاع الخاص و المجتمع بشكل عام ومآله في النهاية تردي الخدمات و المنتجات .. لأن الأجهزة الحكومية ستستخدم سلطاتها في الحصول على امتيازات و استثناءات لن يحصل عليها بقية منافسوها من القطاع الخاص..
وهو ما حصل في الآونة الأخيرة إذ اتجهت وزارة المالية إلى الاستثمار في مجال الاستثمار العقاري و هو في الأصل من مجالات القطاع الخاص التي يحسنها و يستطيع تمويلها و تشغيلها و إدارتها باقتدار ، فقامت بالبدء في بناء أبراج ضخمة مما يوصف بناطحات السحاب في مكة المكرمة متجاوزة أنظمة البناء ، و في بناء مدينة حجاج تتسع إلى مائتي ألف زائر في المدينة المنورة ؛ و في ذلك إضرار بالغ بالأهالي و المستثمرين في المجال العقاري في مكة المكرمة و المدينة المنورة لذلك يجب إيقاف هذه المشاريع خصوصاً و أن هناك الآن و قبل اكتمالها فائض في المعروض من إسكان الحجاج في مكة المكرمة يتجاوز 33% و هو ما يرتفع إلى ما يتجاوز 80% في مواسم العمرة وهو ما يعني أننا حتى لو استطعنا مضاعفة أعداد المعتمرين إلى ضعفي الأعداد الحالية فسيظل لدينا فائض في المعرض مقابل المطلوب.
لا يجوز دخول أجهزة الدولة بحجة الشراكة أو تنويع مصادر الدخل في المجالات التي يحسنها القطاع الخاص ولديه القدرة على تمويل تأسيسها و إدارتها و أن يقتصر دخول الحكومة على المجالات التي لا يستطيع القطاع على تأسيسها مثل الصناعات البتروكيماوية أو في مجال تأسيس البنى التحتية كالمطارات و الخطوط الحديدية و الطرق و الجسور وبهدف توفير الخدمة و ليس التربح أو الحصول على دخول إضافية لخزينة الدولة .. بل العكس و هو أن الحكومات في الأصل تدفع لشركائها من القطاع الخاص مقابل الخدمات التي سيقدمها مشروع الشراكة من خلال تنازلها عن جزء من الرسوم التي يتم تحصيلها من تشغيل المشروع طول فترة عقد الشراكة ..
خلاصة القول أن الشراكة بين القطاعين الحكومي و الخاص لا تكون إلاّ فيما هو من واجبات الدولة و ليس فيما هو من اختصاص القطاع الخاص و الأهالي و أنه لا يصح للحكومات أن تتاجر أو تتربح من شراكاتها ، و أن تنويع مصادر الدخل الحكومي تكون من خلال فرض رسوم تقابل تكلفة الخدمات التي تقدمها و ليس من خلال ممارسة التجارة و التربح عبر الشراكات.
د. فائز صالح جمال
24/05/1437هـ
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
27/05/1437 |
07/03/2016 |
مكة المكرمة |
785 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
786 التجارة و الصناعة الرأي 27/05/1437 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/134697