قول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل {والبلد الطيب يخرج نباته طيبا بإذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا } صدق الله العظيم وتنطبق هذه الآية – انشاء الله – على هذه البلاد الطيبة حيث جاء تجاوب أبناءها مع حملة قائدها خادم الحرمين الشريفين لنصرة اخواننا في البوسنة والهرسك سريعا وفعالا وأبرز جانبا مشرقا لأمة الاسلام وهو وضعها لرابطة الأخوة في الدين في أعلى سلم أولويات الروابط الانسانية ..
ان أفراد هذه البلاد حكومة وشعبا هم – بإذن الله – نبت طيب من بلد طيب كيف لا وهم من نبت أرض أنبتت خاتم النبيين وأشرف الخلق أجمعين بها نزل الوحي المبين وهي أرض الحرمين الشريفين ، وهم كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها .. ولاشك بأن هذا من نعم الله التي لا تحصى على هذه البلاد وأهلها لأن صنائع المعروف التي اعتادوا على صنعها سوف يجدون أثرها عند الله في الدنيا والآخرة وستنعكس عليهم بكل خير بإذن الله فصنائع المعروف تقي مصارع السوء – كما يقال – وهي نعمة تستوجب مزيد الشكر لله عز وجل عليها وعلى هذا التوفيق لصالح الأعمال فلله الحمد والمنة .
ومما يثلج الصدر أن المتابع لحملة خادم الحرمين الشريفين عبر شاشات التلفزيون السعودي يلاحظ التسابق بين جميع فئات المجتمع فالكل ساهم بما يستطيع ، الحاكم والمحكوم والغني والفقير والكبير والصغير والذكور والاناث والمؤسسات والشركات ولا ننسى من ساهم من خارج المملكة .. فهناك من ساهم نقديا وآخر عينيا وأخرى أرسلت بحليها .. صور مشرقة وتسر القلب المؤمن وتؤكد بأن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لازالت بخير والى خير انشاء الله .. فجزى الله خادم الحرمين الشريفين على هذه الحملة التي أمر بها تضامنا مع اخواننا في البوسنة والهرسك خير الجزاء فقد أتاح الفرصة لشعبه للقيام بواجبهم لنصرة الحق واعلاء كلمة الله عز وجل على أرض البوسنة والهرسك .. فهذا دأبه حفظه الله في جميع قضايا أمة الاسلام وفي كل مكان وزمان .. ونسأل الله له المزيد من التوفيق والعون والسداد .
وفي خضم هذه الحملة الخيرة التي امتزجت خلالها مشاعر الفرح والسرور مع مشاعر الحزن والغضب ، فالفرح والسرور كان بما لمسناه من تجاوب هذا الشعب الكريم مع دعوة خادم الحرمين وبذله بسخاء منقطع النظير ، وأما الحزن فقد كان لما رأيناه من مشاهد القتل والتعذيب والتشريد وما سمعناه ممن أشترك في اللقاء المفتوح من شهود العيان لمأساة اخواننا البوسنويين ، وأما الغضب فقد كان لوضوح المؤامرة التي يمارسها أعداء الاسلام لإبادة هذا الشعب المسلم ووقوف الدول الاسلامية موقف المتفرج واكتفاءهم بالشجب والتنديد الذي هو في حقيقة الأمر غير مفيد ، في حين أن الدول الاسلامية بيدها عمل الكثير لوقف هذه المؤامرة القذرة لون أنها اتحدت في مواقفها وسياساتها تجاه أرباب المؤامرة .. أقول في خضم هذه الحملة الخيرة جاء خبر في نشرة الأخبار مفاده عزم الرئيس الأمريكي استخدام حق النقض (الفيتو) – وهو ليس بحق – ضد قرار رفع حظر الأسلحة عن مسلمي البوسنة والهرسك بحجة مكرورة ممقوتة وهي تجنب المزيد من القتلى وتوسيع دائرة الحرب في البلقان !! وهو يعرف قبل غيره أن رفع الحظر وتزويد المسلمين بالسلاح سوف يؤدي الى توازن في القوى وبالتالي الى ردع الصرب الظالمين وجعلهم أكثر قبولا بالحلول السلمية التي ينادي بها ليلا نهارا وهو يعلم أيضا أن توسيع دائرة الحرب واراقة المزيد من الدماء سوف لن يكون بأيدي المسلمين و انما بأيدي الصرب وأعوانهم لتحقيق حلمهم في صربيا الكبرى .. وكأني بالرئيس الأمريكي وهو يرى بأنه لابأس أن تكون اراقة الدماء في جانب واحد وهو الجانب المظلوم وأن لا يكون منها المزيد حتى تطال الجانب الآخر وهو الظالم .
ان استمرار حظر السلاح على مسلمي البوسنة والهرسك والذي يُعد العصب الرئيسي في المؤامرة هو استمرار في ابادة الشعب المسلم هناك ويؤكد ذلك المذابح الأخيرة في سريبرنتشا وجيبا والتي راح ضحيتها أكثر من ستة آلاف رجل من الذين اعتقلوا وهم في سن القتال ، فلا ينبغي للدول الاسلامية السكوت على ذلك ، ونرجوا أن يواكب حملة خادم الحرمين الشريفين لجمع التبرعات للتضامن مع مسلمي البوسنة والهرسك حملة لتوحيد الصف الاسلامي سياسيا واقتصاديا للتضامن مع هذه الدولة الاسلامية التي تكالبت عليها الأمم الظالمة وهو أمر ليس بغريب على ولاة أمر هذا البلد بل هم الرواد دائما في الدعوة للتضامن الاسلامي .
والله ولي التوفيق .
16/3/1416هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 18/03/1416هـ
في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 11818 صفحة رقم : 13 (الرأي) .
التعديل :
11818 إسلاميات الرأي 18/03/1416هـ المدينة رابط المقال على النت http://