استباحة التطبيقات للخصوصية من يُوقفها ؟

by د.فائز جمال

استباحة التطبيقات للخصوصية من يُوقفها ؟

لعله من المعلوم لكل من يستخدم الهواتف الذكية بأن الموافقات التي تطلبها غالب التطبيقات المستخدمة في الهواتف الذكية تستبيح كل ما هو في ذاكرة الهاتف من صور و مقاطع فيديو و أرقام هواتف و تطبيقات .. وتمتد هذا الاستباحة إلى استخدام الكميرا و الميكرفونات دون إذن مسبق من صاحب الهاتف

؛ بمعنى أن بعض التطبيقات تأخذ الموافقة عنوة –لأن عدم الموافقة على أي شرط يعني عدم استخدام التطبيق- بتشغيل الكميرات لتصوير المكان و الأمكنة التي يتحرك فيها مستخدم الهاتف الذكي و كذلك الميكرفون لتسجيل أي محادثات أو أصوات حيث يتواجد الهاتف ، بالإضافة إلى تحديد موقع الهاتف وبالطبع حامله ..

مثل هذه الاستباحة لا تُمنح حتى للجهات الأمنية إلاّ بقرار قضائي يتيح التنصت على المكالمات -دون التصوير- و الآن تأخذها شركات التطبيقات عنوة و السلطات المحلية في الدول و كذلك الجهات الأمنية في موقف المتفرج للأسف الشديد ..

لاشك أن الأفراد مجبورون على الموافقة على شروط التطبيقات و إعطاء الإذن باستباحة كل ما هو متاح عليها من معلومات و صور و أفلام ، و لا حيلة لهم أمام تطبيقات عمّ استخدامها حياة الناس وتغلغل فيها ، وبعضها أصبح مستخدماً في مجال الأعمال بشكل مؤثر و لا يمكن الاستغناء عنه .. وهم ليسوا -و أعني الأفراد- في موقف تفاوضي يسمح لهم بالإعتراض أو الامتناع عن بعض الشروط أو الموافقات التي تُطلب ..

بينما تُعد الدول و السلطات المعنية فيها في موقف تفاوضي أقوى و تستطيع أن تمنع هذه الاستباحة أو على الأقل الحد منها و جعلها عند حدودها الدنيا .. من خلال الامتيازات التي تُمنح لاستخدام التطبيقات داخل شبكاتها وفقاً لما تبديه من تعاون في منع الاستباحة لخصوصيات المستخدمين فيما لا يلزم لتشغيل التطبيق .. وكذلك من خلال تطوير تطبيقات محلية بديلة تعمل من خلال شبكة و خوادم محلية كما هو حاصل في الصين و تركيا و دول أخرى ..

و مما يثير الدهشة سكوت الحكومات عن هذه الاستباحة و التي تمس أمن دولها و مواطنيها ، حيث أن كثرة التطبيقات التي تطلب الإذن بالدخول على ذاكرة الهاتف و استخدام كافة ما عليها من بيانات و صور و أفلام وكميرات و تطبيقات يجعل كل زوايا و تفاصيل حياة الناس و سلوكياتهم و خصوصياتهم مكشوفة و منتهكة لجهات عديدة لا يُعرف كيف يمكن استخدامها ولصالح من ..

في ظني أن بعض الجهات الأمنية و الاستخبارتية تقف وراء تطوير بعض التطبيقات من أجل جمع المعلومات و التنصت على بعض الأفراد ، و لكن أن تكون هذه الاستباحة لكل من هب و دب فهو أم غير مفهوم ..

و باعتبار أن ما يتعلق بالأمن هو من اختصاص الجهات الأمنية في الدول فإن ما يعنيني في هذا المقال بالدرجة الأولى هو استباحة خصوصيات الأفراد في بلدي و أتمنى على السلطات المتعلقة بأمن المعلومات التدخل و التواصل مع الجهات المالكة للتطبيقات و طلب التوقف عن انتهاك خصوصيات المواطنين و استخدام الأجهزة للتنصت و التصوير ، و أضعف الإيمان جعْل الموافقات اختيارية .. فهل إلى ذلك من سبيل ؟ أرجو ذلك .

د. فائز صالح جمال

27/01/1438هـ

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

30/01/1438

31/10/2016

مكة المكرمة

1023

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://makkahnewspaper.com/article/482312

           

 

 

1023 حكومية الرأي 30/01/1438 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/482312

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق