إلى متى ؟؟ (3)
الطوافة و المطوفون
علامة الاستفهام (إلى متى ؟؟) هذا الأسبوع ستكون حول شئون و شجون مهنة الطوافة ، و أبناءها المطوفين الذين يُعدون من وجهة نظري مرتكزاً أساسياً في الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن ، والذين أزعم أن بقدر نجاحهم أو إخفاقهم في أداء أعمالهم يكون النجاح أو الإخفاق -لاسمح الله- في تحقيق ما تصبو إليه الحكومة ونصبو إليه جميعاً من تقديم خدمات متميزة وراقية لحجاج بيت الله الحرام ، وسأسرد فيما يلي بعض التساؤلات التي أرجو أن يتسع لها صدر من يعنيهم الأمر ،
فأقول :
* إلى متى ستظل النظرة السلبية للمطوفين هي السائدة و هي التي تحكم أسلوب تعامل المسئولين معهم ؟؟
* و إلى متى ستظل هذه النظرة السلبية للمطوفين حائلاً دون مشاركتهم الفاعلة في صياغة القرار المتعلق بإدارة و تنظيم وتطوير شئون مهنتهم ؟؟
* و كيف نُفسر الحرص في الغالب على أن يتولى إدارة شئون و تطوير المهن الأخرى أحد أبناءها أو المتخصصون فيها أو في أحد فروعها ، إلاّ المطوفين ؟؟
* إن أبناء طائفة المطوفين يُعدون بالآلاف ، و منهم المئات الذين يحملون أعلى الدرجات العلمية و في التخصصات المختلفة ،
و هم بلا شك أعرف بشئون مهنتهم من غيرهم ، فكما قيل في الأمثال : أن أهل مكة أدرى بشعابها ، فلماذا يُستبعدون عن المواقع الفاعلة في تسيير شئون المهنة وتصحيح مسارها ؟؟
* ثم إلى متى سيُعامل المطوف و هو صاحب مهنة كموظف براتب محدد ، و في نفس الوقت يُحرم من كافة مزايا الموظف ؟؟
* و إلى متى ستظل مؤسسات الطوافة تجريبية ؟؟ فهل من المعقول أن تظل هذه المؤسسات تجريبية لمدة تزيد عن السبعة عشر عاماً ؟؟ أليست كل هذه السنوات بل وأقل منها بكثير تُعتبر كافية للحكم على تجربة المؤسسات بالنجاح أو الفشل ، و بالتالي اتخاذ القرار باعتمادها ،أو إلغاءها والبحث عن بديل آخر يحقق المصلحة للجميع ؟؟
* ثم إن هناك أيضاً تساؤل حول الشعار الذي تبنته وزارة الحج و هو “خدمة الحاج شرف لنا” ، وألزمت به مؤسسات الطوافة وطلبت منها إثباته على جميع مطبوعاتها و على لوحاتها ، و هو أليس من الأنسب الارتقاء بالعلاقة بين المطوف و الحاج ، بل بين أبناء هذه البلاد وبين الحجاج إلى مستوى الإكرام والضيافة بدلاً من الخدمة ؟؟ إن علاقة المطوف والحاج لم تكن يوماً علاقة خادم ومخدوم ، و لا ينبغي أن تكون كذلك ، بل هي علاقة ضيف و مضيف ، و فيما أعتقد أن علاقة الضيافة -وإن كانت تنطوي على خدمة- أكثر إكراماً للحاج من علاقة الخدمة ، و هي تضفي مزيداً من الحميمية في العلاقة بينه وبين مضيفه ، وذلك بعكس علاقة الخدمة التي لن تتجاوز علاقة المخدوم بخادمه ، و لنتذكر بأنه وكما وُصف الحجاج والمعتمرين بضيوف الرحمن ، فقد وُصف أهل مكة بأنهم أهل الله وخاصته ، و واجب الإكرام متحقق لهم جميعاً ، ولا يقتصر على طرف دون طرف ..
فهل نتطلع إلى أن تقوم الوزارة بإعادة صياغة هذا الشعار بما يصبغ علاقة الحاج بالمطوف بالحميمية و الاحترام والمودة ، و يرتقي بها إلى علاقة الضيف بمضيفه ..
إن إثارتي لهذه التساؤلات نابع من استشعاري بأن معظم الأساليب المتبعة في التعامل مع المطوف وفقاً للنظرة السلبية هي السبب المباشر للجمود الذي تعانيه عملية التطور الطبيعي للمهنة ، لأن هذه النظرة وانعكاسها على التعامل مع المطوفين من جهات عدة أدى إلى انصراف الكثير من كبار وخبراء المطوفين عن مهنتهم ، و في اعتقادي أن إصلاح هذه المهنة و الذي يسعى إليه ولاة الأمر باستمرار بهدف الارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن لن يتم من خلال تبني النظرة السلبية للمطوف ، و لا من خلال المواقف المسبقة من تصرفاته ، و إنما يكون من خلال تبني نظرة إيجابية للمطوفين ، وتفعيل دور أبناء المهنة في إدارة شئونها وتطويرها ، و هذا هو الأمر الطبيعي ، و هو ما ينسجم مع جميع النظريات والفعاليات الإدارية الناجحة ، فالمطوفون شأنهم شأن أي فئة أو أرباب أي مهنة فيهم الصالح و فيهم غير ذلك ، وتغليب النظرة السلبية للكل بسبب البعض ، هو كمن ينظر للجزء الفارغ من الكأس كما يقولون ، لذلك فإنني أرى أن المدخل الصحيح للإصلاح هو منح المطوفين الثقة ، وتحميلهم المسئولية ، والاعتماد عليهم فيما يتعلق بمهنتهم ، و إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في صياغة الأنظمة القرارات المتعلقة بمهنتهم ، و أنا واثق بعد ثقتي بالله بأن النتائج ستكون إيجابية جداً ، وستسر أول ما تسر ولاة الأمر الذين سخروا جميع إمكانيات الحكومة المادية و البشرية و المعنوية لخدمة ضيوف الرحمن ..
والله من وراء القصد ، و هو ولي التوفيق للجميع لما يحبه ويرضاه .
17/10/1419هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : السبت الموافق 20/10/1419هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 12240 صفحة رقم : 9 (الرأي) .
التعديل :لا يوجد .
12240 الحج و الطوافة الرأي 20/10/1419 الندوة رابط المقال على النت http://