إلى متى ؟؟ (2)

by Admin

إلى متى ؟؟ (2)

تساءلت في مقال الأسبوع الماضي عن إدارة الحركة في المسجد الحرام وإلى متى ستظل تعتمد أساليب تقليدية في إدارة و توجيه حركة الحشود البشرية الكبيرة داخل المسجد الحرام ؟ ، و لماذا لا نستفيد من تجارب الآخرين في نفس المجال ؟؟ بل لماذا لا نسعى إلى ابتكار أساليب جديدة تناسب الوضع الفريد للمسجد الحرام ؟؟

وما دفعني للحديث مجدداً عن إدارة الحركة في المسجد الحرام ، هو ما لاحظته من عدم تطوير تجربة تحديد الممرات الرئيسية في المسجد الحرام المطبقة منذ عدة سنوات ، على الرغم من نجاحها النسبي ، بل وتراجع الاهتمام بها نسبياً هذا العام ، فلقد ظل الممر الرئيسي الخاص بباب الفتح منقطع وغير متصل طوال شهر رمضان المبارك ، و باب الفتح كما هو معلوم أحد الأبواب الأربعة الرئيسية للحرم الشريف ، ويستخدمه عدد كبير جداً من رواد المسجد ، فالممر من الخارج يقابل الباب الأوسط ، وأما من الداخل فيقابل الباب الذي عن يسار الداخل ، وهو وضع غير طبيعي و سبب إعاقة لحركة الدخول والخروج خصوصاً بعد امتلاء المسجد ، ولا أدري ما سبب ذلك ، ولا كيف يُترك الأمر بهذه الطريقة طوال الشهر دون معالجة ؟؟

إنني أعرف أن هناك الكثير من الصعوبات التي يواجهها المسئولون عن إدارة الحركة في المسجد الحرام ، بسبب تصرفات بعض زائري المسجد الحرام ، وعدم تعاونهم ، و اختلاف مشاربهم ، واختلاف لغاتهم ، و لكن هذا في  رأيي يدعونا لبذل المزيد من التفكير والابتكار لأساليب تعين أولئك القائمين على تنفيذ ما هو قائم من تنظيمات الحركة داخل المسجد الحرام ..

فعلى سبيل المثال نجد أن تحديد الممرات الرئيسية بالسجاد يتسبب في إرباك الحركة ، لما يوحيه فرش الممرات بالسجاد بأنها مكان للصلاة ، وهو أمر مشاهد و ملموس ، فكثيراً ما ترى المصلين وقد ملئوا الممرات المفروشة وتركوا ما حولها من فراغات ، وكان يتجلى ذلك بوضوح في الفترة ما بين المغرب و العشاء ، وعلى الرغم من ذلك نجد أن هناك إصرار على فرش الممرات بالسجاد .

إن فرش الممرات يوهم زوار المسجد بأنها مكان للصلاة ويشجعهم على الصلاة فيها كما أسلفنا ، و في تصوري أن مما يعين على تنظيم الحركة على الممرات ، هو استبدال السجاد بممرات بلاستيكية أو من أي مادة غير السجاد و أيضاً بلون غير لون السجاد ، بل وحتى الكتابة عليها بعدة لغات أو وضع علامات تفيد بأنها ممرات وينبغي أن تكون خالية خصوصاً بعد انقضاء صلاة الفريضة . وكذلك وضع حواجز مميزة -و ليس استخدام ترامس الماء- لتحديد الممرات الرئيسية سوف يساعد القائمين على تنظيم الحركة في أداء مهمتهم ، من خلال توضيح الممرات لرواد المسجد بشكل كافي ، خصوصاً وان منهم كثيرون يحترمون النظام ويعون أهمية التعاون في هذا المجال ..

أيضاً من المهم جداً تحديد ممرات في شكل خطوط دائرية حول الكعبة تتقاطع مع الممرات الرئيسية في المسجد الحرام و الحفاظ عليها خالية من المصلين ، لأن عدم وجود مثل هذه الممرات المنتظمة سبّب الكثير من العنت لمرتادي المسجد ، فكم شاهدنا من اصطدام و توقف للحركة في بعض المواقع ، وكم تعرض النساء للتزاحم والالتصاق بالرجال بسبب عدم وجود ممرات تيسر لهن و لغيرهن الحركة ..

كذلك من الأفكار التي نتمنى دراستها بعناية و تنفيذها بما يواكب العصر الذي نعيشه ، فكرة التوسع في استخدام اللوحات الإرشادية و الإشارات داخل المسجد الحرام وساحاته ، و بلغات متعددة للدلالة على معالم الحرم الرئيسية و أقرب طرق الوصول إليها ، وذلك مما يساعد على انسياب الحركة ، و يحقق الراحة واليسر لضيوف الرحمن وزوار بيته ، فكثيراً ما نُسأل داخل الحرم عن الصفا والمروة و عن بئر زمزم وعن المقام والحطيم..

أيضاً من الأمور الهامة جداً في إدارة الحركة في المسجد الحرام أمر المطاف وتوسعته رأسياً ، فالمشاهد تزايد أعداد الطائفين وتناميها سنوياً ، ولم يعد المطاف يتسع للمزيد مما دفع البعض لاستخدام الدور الثاني والثالث في الطواف ، وهو أمر شاق ولا يطيقه إلاّ القلة من القادرين والمضطرين ، لذلك من المهم جداً دراسة توسعة المطاف رأسياً بجسور ترتبط بأدوار المسجد وتكون في موازاة أطراف المطاف في الدور الأرضي ، أي أن تكون الجسور بعيدة عن الكعبة ، وقد يكون من المفيد عمل جسر من الجهة الشرقية -جهةباب الكعبة- ليربط الجهة الشمالية من المسجد بالجهة الجنوبية ويختصر كثيراً من المسافة الحالية للمطاف في الدورين الثاني و الثالث ..

عموماً هي أفكار و دعوة لاتخاذ خطوات سريعة نحو ما يمليه واقع المسجد الحرام و الأعداد المتدفقة من حجاجه ومعتمرية ، و ذلك حتى لا نضطر للمعالجة بالطريقة التي عالجنا بها حادثتي جسر الجمرات ، و حادث حريق منى الشهير ، و قد كانت كلفة تلك الحوادث و معالجتها كبيرة و على عدة مستويات ..

10/10/1419هـ                                                                    فائز صالح محمد جمال

 

بيانات النشر

نُشر : يوم : السبت الموافق 13/10/1419هـ

في صحيفة : الندوة           رقم العدد : 12234        صفحة رقم : 9 (الرأي) .

التعديل :لا يوجد .

 

 

12234 المسجد الحرام الرأي 13/10/1419 الندوة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق