إجازة اليومين ما بين التكلفة و العائد
نشرت الصحف خلال الأسبوع المنصرم خبر موافقة مجلس الشورى على تخفيض ساعات العمل في القطاع الخاص إلى 40 ساعة في الأسبوع بدلاً من 48 ساعة ، و منح إجازة يومين أسبوعياً ..
و بالطبع معروف أن هدف قرار تخفيض ساعات العمل و منح إجازة أسبوعية يومين هو تضييق الفجوة بين ساعات عمل في القطاع الحكومي و القطاع الخاص من أجل ترغيب طالبي العمل من السعوديين في العمل في القطاع الخاص .. وهذا هو العائد في حال نجاح القرار في تحقيق هذا الهدف ..
و أما التكلفة لهذا القرار فلم يتم التطرق لها و تم تجاهلها تماماً و على الأقل إعلامياً .. و هو أننا نخفض انتاجية القطاع الخاص من خلال رفع كلفة الانتاج فيه سواء للسلع أو الخدمات ..
وهذه الكلفة تتمثل في تعويض الساعات التي سيتم تخفيضها بكلفة تزيد بنسبة تتجاوز الـ 50% مقارنة بكلفتها قبل قرار التخفيض بسبب أن الكثير من منشآت القطاع الخاص ستضطر إلى تعويض الساعات المخفضة بتكليف العمالة بالعمل خارج أوقات الدوام و هو ما يلزمها بدفع أجرة ساعة العمل مضافاً إليها 50% في الأيام العادية و 100% في الأعياد و العطلات الرسمية ..
مع الأخذ في الاعتبار أن التخفيض لن يكون خاصاً بالعمالة الوطنية و إنما شاملاً لكل العمالة وطنية و وافدة و التي بلغ عددها حسب إحصائية وزارة العمل لعام 2014م 10.023.339 عامل منه فقط 1.549.975 عامل سعودي ، أي أننا سنتنازل و نخسر أكثر من 80 مليون ساعة أسبوعياً و ما يتجاوز 4 مليار ساعة في السنة الواحدة ..
و باعتبار أن متوسط أجور القطاع الخاص وفقاً لنفس المصدر هو حوالي 2400 ريال فإن تكلفة الساعة هي 10 ريال يعني أننا نتنازل عن أكثر من 40 مليار ريال على اعتبار عدم تعويضها و في حال تعويضها يُضاف إليها ما يتجاوز الـ 60 مليار ريال .. بمعنى أننا نتحدث عما يفوق الـ 100 مليار ريال .. و هذه الحسابات لكلفة الساعة مبنية على أن ساعات الأسبوع 48 ساعة و ستكون أعلى لو حسبناها على عدد الساعات بعد التخفيض إلى 40 ساعة ..
ولن تقتصر الكلفة على هذا بل سيضاف إليها الزيادات التي ستطرأ على أسعار السلع و الخدمات المقدمة من جميع مؤسسات القطاع الخاص لبعضها البعض .. و هو ما سينعكس على أسعار السلع الاستهلاكية و الخدمات التي يحتاجها عموم الناس ..
وكما هو معلوم فإن هذه الكلفة ستُجيّر من قبل مؤسسات القطاع الخاص إلى المستهلك النهائي للسلع و الخدمات وهو المواطن ..
هذا من جهة التكلفة و أما لو عدنا للعائد المُتصوّر لهذا القرار ففي ظني أنه لن يتحقق إلاّ بقدر يسير جداً لأن الاختلافات في طبيعة و محددات العمل في القطاعين الحكومي و الخاص سوف لن تزول بمثل هذا القرار ..
فلو نظرنا للمشهد من الخارج سنجد أن ساعات العمل لا تزال في القطاع الحكومي أقل ، و الدوام فيه على فترة واحدة بينما في القطاع الخاص غالباً على فترتين ..
و أما إذا نظرنا من الداخل فسنجد أن فسحة العمل في القطاع الحكومي لا زالت أكبر من حيث الرقابة و الانتاجية و الخروج أوقات الدوام و ما إلى ذلك ..
و بالتالي فإن الرغبة في العمل في القطاع الخاص لن تتحقق بالقدر المتصور بخفض ساعات العمل ..
و بالتالي فإننا إذا نظرنا و تأملنا كلفة القرار في مقابل العائد سنجد أننا سندفع كمجتمع و اقتصاد وطني كلفة باهظة مقابل عائد لا يكاد يُذكر .. و بالتالي فالواجب صرف النظر عن القرار و البحث عن حلول تلامس المشكلة الحقيقية لعدم رغبة غالب طالبي العمل من السعودية في العمل في القطاع الخاص ..
وهو ما أضعه كاملاً تحت أنظار أصحاب المعالي و السعادة أعضاء مجلس الشورى و أعضاء مجلس الوزراء و الله من وراء القصد ..
د. فائز صالح جمال
27/04/1437هـ
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
29/04/1437 |
08/02/2016 |
مكة المكرمة |
757 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
757 عمل و توظيف الرأي 29/04/1437 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/119987