أنظمة تحت الدراسة .. و فرص ضائعة
تحدثت عبر المقالين السابقين عن الاستثمار الوطني و أهميته وخلصنا إلى عدة نقاط أجملها فيما يلي :
1- أننا لازلنا نركز على جذب الاستثمار الأجنبي ، و تناسينا في خضم ذلك الاستثمار الوطني .
2- إن أهمية الاستثمار الوطني تكمن في كونه الأكثر ثباتاً في وجه الأزمات من الاستثمارات الأجنبية .
3- إن نجاحنا في جذب المستثمر الأجنبي رهين بنجاحنا في دعم وتشجيع الاستثمار الوطني والحفاظ عليه مستثمراً داخل الوطن .
4- بدء صغار المستثمرين السعوديين البحث عن فرص استثمارية في أسواق الدول المجاورة التي نجحت في جذب المستثمرين وفي تهيئة بيئة استثمارية أفضل .
5- إن أوضاعنا الاقتصادية و أسعار النفط المتراجعة و منظمة التجارة العالمية و العولمة ، جميعها عوامل يجب أن تدفعنا إلى المزيد من العمل والتحرك السريع من أجل الاستثمارات الوطنية ، و الحفاظ عليها داخل دورة اقتصادنا الوطني ، بل وتهيئة الفرص لجذب المهاجر منها مع استثمارت أجنبية أخرى .
6- وأخيراً تحدثنا عن وجود أنظمة لدينا تساهم -بغير قصد- في نفاد الاستثمارات إلى الأسواق الخارجية ، وأخرى تحجب فرصاً استثمارية ماثلة .
و في الأسبوع الماضي كان حديثنا عن القرار الإلزامي لسعودة وظائف القطاع الخاص بنسبة 5% سنوياً ، كمثال للأنظمة التي قد تدفع المستثمر إلى البحث عن فرص استثمارية في الأسواق المجاورة ، وأضيف اليوم مثالاً آخر لهذه الأنظمة التي تدفع بالاستثمارات إلى الخارج ، و هو عدم منح تصاريح لصدور مجلات أو صحف سعودية جديدة في الداخل ، و بذلك يضطر الناشر أو المستثمر في هذا المجال إلى إصدار مجلته أو صحيفته في الخارج ، والغريب في الأمر أننا في الوقت الذي نمتنع فيه عن منح التصاريح بإصدار هذه الصحف والمجلات ، نسمح بدخولها إلى أسواقنا ، و لا أعرف سببا لهذا التناقض ، فمعظم المجلات أو الصحف التي نتحدث عنها معروف أن خلفها ناشرين سعوديين ، وأنها موجهة للسوق السعودي بالدرجة الأولى ، فإلى متى سنظل ندفع بالاستثمارات الوطنية إلى الخارج ، لتساهم هناك في خلق وإيجاد فرص وظيفية ، و تحقيق عوائد وأرباح اقتصادنا أولى بها من غيره ..
و أما في هذا الأسبوع سنتحدث عن بعض الأنظمة التي حجبت فرصاً استثمارية ، سواء بسبب تأخر صدورها ، أو تلك التي تحتاج إلى تطوير ولا تزال تحت الدراسة منذ سنوات ، و منها على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً : تأخر صدور تنظيم العمرة الذي سيقضي على مشكلة التخلف و يسمح باستقبال أضعاف الأعداد التي تقدم الآن إلى العمرة ، فصدور هذا النظام سيحقق الكثير من المكاسب لاقتصادنا الوطني ، و يتيح النجاح للعديد من الاستثمارات القائمة ويُحسِّن عوائد استثمارات أخرى ، بل وسيخلق فرصاً استثمارية جديدة ، وكل ذلك سيعمل على إبقاء أكبر قدر من رأس المال الوطني مستثمراً في الداخل ، بل قد يجذب المهاجر منه ، و هذا بدوره سيتيح فرصاً وظيفية لشبابنا السعودي أكثر مما هو متاح الآن لسببين ، الأول خلق الفرص الجديدة ، والثاني تعزيز قدرة القطاع الخاص على استيعاب المزيد من الشباب السعودي وتدريبه وتأهيله ، لأنه سيكون أكثر قوة وعافية -بعد الله- بسبب تدفق أموال المعتمرين على مدار شهور السنة ..
ثانياً : كان يتردد على لسان بعض المسئولين المعنيين بعدم جدوى إقامة مناطق حرة على شواطئنا الممتدة على البحر الأحمر و الخليج العربي ، وظللنا نسمع هذا الكلام لسنوات طويلة ، في الوقت الذي نجحت إمارة دبي في تجربتها بإقامة منطقة حرة على الخليج العربي وهي منطقة جبل علي و توسعت فيها ، والآن نسمع عن المنطقة الحرة التي ستقيمها اليمن .. ، وكذلك تكرر على لسان المسئولين عدم أهمية أو عدم الحاجة إلى تأسيس سوق للأوراق المالية في المملكة ، في حين أن الكويت والإمارات -على سبيل المثال- سبقونا إلى ذلك ، و المفترض أن أسواقنا و أحجام شركاتنا وعددها أكبر بكثير مما هو لديهم ..
ثالثاً : تكررت المطالبة ومنذ سنوات عديدة بتأسيس هيئة أو وزارة تُعنى بشئون السياحة ، و هذه المطالبة تنطلق من الاستشعار بإمكانية نجاح صناعة السياحة لدينا ، و لتكون مصدراً هاماً من مصادر الدخل الوطني ، إذا ما توحدت الجهود المبعثرة بين إمارات المناطق والأمانات والبلديات والغرف التجارية ، و أصبحت هناك جهة واحدة معنية بأمر السياحة ، تقوم برسم الخطط و تذلل العقبات وتلغي التناقض القائم في بعض الجوانب ، والأهم من ذلك أن تكون المروِّج للاستثمار في مجال السياحة ، و المرجع الوحيد للمستثمر في مجال السياحة والداعم له .
هناك فرصاً كثيرة ضاعت أو تكاد ، و أخرى ستضيع إذا ما سارت الأمور على نفس المنوال ، فنحن في سباق مع الزمن ، والعالم كله يجري من حولنا ..
مع تمنياتنا بالتوفيق والسداد لجميع اللجان القائمة على دراسة مثل هذه الأنظمة سواءً في مجلس الشورى أو اللجان المعنية في ديوان مجلس الوزراء ، والله من وراء القصد ..
24/7/1419هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : السبت الموافق : 25/7/1419هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 12174 صفحة رقم : 5 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
12174 التجارة و الصناعة الرأي 25/7/1419 الندوة رابط المقال على النت http://