أحمد عمر .. و البركتان
هو أحمد عمر موسى ، نشأ يتيماً ، وكان أبوه من الصالحين ، و كذلك أمه التي رعته و ربته يرحمها الله ، خرج إلى العمل و التكسب و هو ابن 12 سنة ليسد حاجة والدته و أخواته بعد وفاة والده. وهو يتذكر الى الآن عناية أصدقاء والده به و بإخوته عندما كانوا أطفالاً ، ويتذكر بر أبيه بجدته ، و أقول لعل ذلك من بركة صلاح أبيه (وكان أبوهما صالحا) ..
عاش طوال حياته باراً بوالدته يرحمها الله .. يرعى شئونها و يلبي طلباتها سواء في مُقَامِها معه في مكة المكرمة أو في مقامها في مصر ، وحتى بعد وفاتها بالدعاء لها و التصدق عنها وصلة أهل وُدّها ..
اضطر إلى القدوم من بلده مصر إلى مكة المكرمة للعمل و التكسب منذ ريعان شبابه ، و لايزال وقد بلغ الآن 69 سنة ..
أكرمه الله بزوجة صالحة ، أعانته على البر ، و مشت معه في دروب الحياة مستمتعة بحلوها و معينة على مُرّها ؛ فعاشت معه راضية مرضية .. رزقه الله منها البنين و البنات ..
أنفق على زوجته و أولاده من وُجْده و حرص على عيشهم الكريم و تعليمهم وحسن تربيتهم .. وهم الآن بفضل الله أصحاب مكانة علمية و اجتماعية هو فخور بها و راض عنها ..
زوّج أولاده و بناته و ابتنى لهم و لنفسه بيتاً في مصر من كد يده ..
توفيت زوجته أم أولاده بعد عمر طويل و عشرة طيبة بالمعروف فظل وفياً لها يدعوا لها و يتصدق عنها و يصل قرابتها و يذكر فضلها و لا يذكرها إلاّ بخير ..
ولكنه بعد وفاة زوجته و خلو بيته من أنيس وممن يرعى شئونه ويعين على تصاريف الحياة خطب و تزوج من سيدة فاضلة و لقى هذا الأمر تفهما من جميع أولاده ..
و هو يعمل في وظيفة بسيطة ولكنه ودون الاخلال بواجبه تجاه وظيفته كان يدب على رزقه في مواضع مختلفة مطبقاً المثل المصري الشهير (الرزق يحب الخِفيَّه) .. وكانت البركة عنوان كسبه وحياته بشكل عام فقد حقق بتوفيق الله ما لم يحققه من هم أعلى منه دخلاً و أكثر علماً ..
كان ذكياً لماحاً تعلم في مدرسة الحياة الشيء الكثير ما أعانه على حسن التصرّف و التدبير في إدارة أمواله .. فهو على سبيل المثال برغم قلة ذات يده إلاّ أنه حرص على الاستمرار في دفع أقساط معاشه في مصر على مدى عقود ، ولم يركن لعيش يومه و إنما نظره كان ممتداً للمستقبل ، وهو الآن يستلم راتباً تقاعدياً ، و تمكّن كما ذكرت بفضل الله ثم بحسن تدبيره من بناء بيته في مصر وهو مالم يفعله أنداده و زملاؤه في العمل حتى من هم أعلى منه دخلاً ..
عندما أتأمل حياة هذا الرجل وقد عاشرته طويلاً لا أجد سبباً فيما منّ الله به عليه من طيب الحياة و البركة في الزوجة و المال و الولد إلاّ أنه قد أصابته البركتين بركة صلاح أبيه و بركة بره بأمه و أبيه .. وهو بذلك يجسد نموذج يحتذى في البر و يدعونا للاقتداء به لجني بركاته في عموم حياتنا ..
أبو عمر و هذه كنيته بدء عمله مع والدي يرحمه الله منذ حوالي أربعين سنة و لايزال يعمل معنا للآن .. و قد عاشرناه طوال هذه الفترة و لم نجد منه إلاً الإخلاص و الأمانة و الوفاء .. فجزاه الله خيراً و زاده من فضله و نسأل الله له مزيد البركة في ماله و عقبه..
و الله الموفق ..
د. فائز صالح جمال
13/04/1437ه
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
15/04/1437 |
25/01/2016 |
مكة المكرمة |
743 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
743 تراجم الرأي 15/04/1437 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/117699