آلية لتوفير العمالة الموسمية في مكة والمدينة
تمر بمكة المكرمة -شرفها الله- ، و المدينة المنورة -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام- مواسم متعددة ، تستقبلان فيها أعداداً كبيرة من الزوار والحجاج و المعتمرين ، ويتضاعف عدد سكان المدينتين المقدستين إلى ما يزيد عن ضعفي سكانهما الأصليين ..
فمكة المكرمة تستقبل في موسم الحج كما هو معروف ملايين الحجاج من داخل و خارج المملكة من كل فج عميق ، و تكاد تستقبل مثلهم على مدار شهر رمضان المبارك .. وهذه الأعداد الكبيرة التي تهوي إلى بلد الله الحرام استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم و أذانه في الناس بالحج -كما أمره الله عز وجل- لا شك أن لها احتياجات ومتطلبات معيشية متعددة ، وهذه الاحتياجات والمتطلبات تشكل ارتفاعاً غير عادي في الطلب على جميع الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن ، سواء تلك الخدمات التي تقدمها الدولة أو التي يقدمها القطاع الخاص .. وبالتالي سيزداد الطلب على الأيدي العاملة في جميع المرافق والجهات التي تخدم الحجاج والزوار .. ويتركز هذا الطلب ويبلغ ذروته في فترات الذروة في موسم الحج و في العشر الأواخر من رمضان ..
ونلاحظ أن الدولة وفقها الله وهي تسهر على راحة ضيوف الرحمن من خلال أجهزتها المختلفة لا تكتفي في أدائها لأعمالها خلال موسم الحج على إداراتها الموجودة في مدينة مكة المكرمة أو حتى في منطقة مكة ، بل نجد أن أعداد الأفراد و الموظفين يتضاعف خلال المواسم و ذلك من خلال انتداب أفراد وموظفين إلى مكة المكرمة من جميع مدن المملكة للمساهمة في أداء تلك الإدارات الحكومية ..
ومن الملاحظ أن الارتفاع غير العادي في الطلب على الخدمات في المواسم لا يلبث أن ينخفض بشكل سريع بعد انتهاء الموسم بأيام ، بل في موسم رمضان ينتهي الموسم في يوم واحد وهو آخر يوم في رمضان .. وهذا الأمر يختص بالمدينتين المقدستين .
لذلك نجد و من خلال التعامل بواقعية و أخذاً في الاعتبار خصوصية أوضاع المدينتين المقدستين ، أنه لابد من الوصول إلى صيغة وآلية دقيقة لتوفير الأعداد المطلوبة من العمالة للقطاع الخاص خلال فترات المواسم بشكل نظامي ، كما هو الحال بالنسبة للقطاع الحكومي وآلية الانتداب ..
لقد تكررت المطالبة بإيجاد هذه الآلية منذ فترة ، ومن ذلك المطالبة بفتح باب الإعارة من المدن الأخرى ، أو منح تأشيرات موسمية يتمكن من خلالها العامل الذي اكتسب الخبرة من التردد على البلاد في المواسم تحت إشراف و مسئولية صاحب العمل ، و لفترات المواسم فقط و يغادر بعدها إلى بلاده معززاً مكرماً ..
وفي تصوري أن عدم التعامل مع هذه الخصوصية بواقعية أكثر أدى إلى مخالفة البعض -مجبرين- لأنظمة العمل و الإقامة و على الأخص في موسم الحج ، بتشغيل متخلفي العمرة وكذلك بتشغيل من هم ليسوا على كفالتهم ..
ولذلك فلعله من المناسب و استكمالاً لجهود إدارة الجوازات وحملتها الأخيرة ضد مخالفي نظام العمل والإقامة ، أن يتم الإسراع في إقرار آلية لتوفير العمالة الإضافية التي يفرضها واقع المواسم في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وذلك تلافياً لإرباك أو إعاقة أعمال مؤسسات القطاع الخاص التي تقدم خدماتها لضيوف الرحمن ، وكذلك سداً لذريعة مخالفة أنظمة العمل والإقامة ..
وحبذا لو يتم إشراك الغرفة التجارية والصناعية في كل من مكة والمدينة بحكم تمثيلهما للقطاع الخاص في المدينتين المقدستين ، في الدراسات المبدئية و عند إقرار الآلية والإجراءات التي يمكن إتباعها لتوفير احتياجات القطاع الخاص من العمالة الموسمية ..
بل إن الحاجة لآلية توفير العمالة الموسمية قد تنسحب إلى معظم مدن المملكة الرئيسية ، فهناك مواسم أخرى تشمل جميع أنحاء المملكة كموسم بدء العام الدراسي ، و موسم شهر رمضان ، و بعضها يخص بعض المدن بالتحديد كالمصائف في إجازة الصيف ، والمدن الساحلية في إجازة الربيع .. ففي كثير من الأحيان يمكن من خلال نظام الإعارة مثلاً التنسيق بين المدن الساحلية و المصائف فيما يتعلق بالعمالة الفندقية ، فيمكن تكثيف العمالة أثناء فترة الصيف في المصائف التي يزداد فيها الطلب على الفنادق و تصل نسبة الإشغال فيها إلى 100% ، من خلال إعارة خدمات بعض عمالة المدن الساحلية التي يقل الطلب عليها عند اشتداد الحر وتنخفض نسبة الإشغال إلى نسب متدنية جداً مقارنة بفترات تحسن الجو و انخفاض دراجات الحرارة ، وينعكس الأمر في فصل الربيع فيتم تكثيف العمالة في المدن الساحلية و المشاتي ، بإعارة بعض عمالة المصائف .. و هكذا فيما يتعلق بالمواسم الأخرى .. والله ولي التوفيق .
16/10/1418هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : السبت الموافق : 17/10/1418هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 11940 صفحة رقم : 7 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
11940 عمل و توظيف الرأي 17/10/1418هـ الندوة رابط المقال على النت http://